بالأمس أعلنت جامعة جدة عن عشرات الوظائف الأكاديمية في عدد من الكليات، مشترطة أن يكون المتقدمون لتلك الوظائف ممن يحملون شهادة الدكتوراه، وهم على درجتي أستاذ أو أستاذ مشارك، وحول هذا قال الأستاذ عبد الله الجميلي بصحيفة المدينة إن العقل والمنطق والواقع تؤكد بأنه لا يمكن لأي سعودي يحمل تلك المؤهلات أن يكون عاطلاً، ثم إن الجامعة حكومية وتحكمها أنظمة حكومية أيضاً. وقد جاء هذا الإعلان على تلك الصيغة لذر الرماد في العيون. واليوم تعلن جامعة شقراء عن حاجتها لعدد من الوظائف الأكاديمية في صحيفة مغربية مخالفةً بذلك تعميم وزير التعليم القاضي بضرورة استقطاب وتوظيف الشباب السعودي العائدين من برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث. وأيضاً أعلنت جامعة الملك سعود عن توفر وظائف أكاديمية للرجال والنساء بمرتبة أستاذ مساعد وأستاذ مشارك وأستاذ في تخصصات (الرياضيات والإحصاء والحاسب الآلي واللغة الإنجليزية)، إضافة إلى الحاجة لمدرسي لغة إنجليزية للعمل في عمادة السنة الأولى المشتركة بالجامعة. ويشترط لهذه الحصول على شهادة الدكتوراه بالانتظام، ولا يقل تقديره عن جيد جداً في درجتي البكالوريوس والماجستير ... إلخ.
هنا أقول.. ما دام أن جامعة الملك سعود العريقة وأم الجامعات لا تهتم بالتوطين، فمن باب أولى أن تتقاعس الجامعات الأخرى عن التوطين تأسياً بها. والسؤال الموجه لتلك الجامعات ومن ينهج نهجها في الإعلان عن الوظائف سواء علناً أو بطرق التستر والاحتيال في كيفية صيغة الإعلان أو مكانه من الصحيفة أو مقر الصحيفة لماذا يا هذا؟ هذا الاحتقار المتناهي لشباب الوطن حاملي الدكتوراه وحتى الماجستير وحديثي عهد التخرج من جامعات عريقة أوروبية وأمريكية وآسيوية وكأنكم تضائهون الشركات والمؤسسات التجارية التي دائماً ترفق بإعلاناتها عن الوظائف ضرورة توفر خدمة في المجال لا تقل عن كذا سنة، فحديثو التخرج من أين لهم يكسبون درجة أستاذ أو أستاذ مساعد وهلم جراً، فعلى الأقل يجب أن تكون الإعلانات عن الحاجة إلى معيدين، وهنا ما يسمى (الميدان يا حميدان) لا أقل من تجربة لمدة ترم أو ترمين بعدها يمكن استفتاء الدارسين، إضافة إلى زيارات يقوم بها أستاذ مساعد أو أستاذ دكتور في فترات متقطعة لممارسي التدريس بالجامعة لنقف على مستوى أولئك المدرسين أو المحاضرين الجدد. وبهذه الطريقة نفيد ونستفيد ويكون سمننا بدقيقنا. ثم هل حكومتنا الرشيدة ترضى بتصرفاتكم الطاردة للتوطين. لا وألف لا بدليل أنه لا تأتي مناسبة للحديث فيها عن التوطين أو السعودة إلا ونجد ولي الأمر - حفظه الله - يحض عليها، إضافة إلى تعاميم وزارة التعليم. وأخيراً أسأل: هل مديرو الجامعات يحملون تلك المؤهلات الطاردة؟! لا أظن ولربما القليل منهم. أكرر اتقوا الله يا مديرو الجامعات ووطئوا أكنافكم لأبناء وطنكم، فلا غنى عنهم اليوم وغداً وبعد غد، وتقديم المحاضرات لطلاب أولى جامعة وحتى الثانية ليس ببعيد عن تدريسهم في الثالث الثانوي، وإلا تفعلوا فسيكون الاكتفاء بأبناء الوطن أمراً عسيراً، بل سيكون مخالفاً لما تضمنته رؤية 2030م التي نتفاءل بنتائجها بل نتوقع أن تكون نتائجها أضخم مما وضعت من أجله، ولكن لابد من تكاتف الجميع وخاصة في الجامعات، فهلا نتنازل عما برؤوسنا لنحقق طموحنا الذي نشدو إليه ونمكن أبناءنا من تحقيق طموحاتهم! أتمنى ذلك، والله هو الوكيل.