خالد بن حمد المالك
من بين أبرز ما تم تداوله بين الرئيس والأمير في لقاء البيت الأبيض بحسب التسريبات أن الأمير محمد والرئيس ترامب حرصا على أن تتطور العلاقات بين الدولتين إلى ما هو أقوى مما هي عليه الآن، وذلك في جميع القضايا وعلى كافة المستويات، وكان الإرهاب واحداً من أهم الموضوعات التي تصدرت المباحثات، وكان الموقف منه التأكيد على تعزيز الجهود والسعي لإحداث نقلة نوعية وشراكة إستراتيجية في هذا الجانب، ولاسيما فيما يتعلّق بموضوع التمويل ومكافحة أنشطتهم الفكرية.
* *
المملكة ليست وحدها على رأس دول المنطقة التي تتأذى من السياسة الإيرانية العدوانية، بل إن أمريكا يصيبها شيء من هذا الأذى، ولهذا فقد كان الملف الإيراني أحد محاور اللقاء بين محمد وترامب، وقد ثمّن الرئيس الأمريكي للمملكة موقفها من إيران، وزاد على ذلك بأن أشاد بخطوات المملكة السابقة والحالية تجاه السلوك الإيراني المشين في المنطقة، وتدخلاتها في الشؤون الداخلية لدول المنطقة.
* *
كما أن الاجتماع أكد على التزام الجانبين بدعم البحرين ومصر والسودان في التحديات التي تواجهها هذه الدول، وفي شأن آخر فقد أكد الرئيس حرص الإدارة الأمريكية على تعزيز جهود المملكة دفاعياً وأمنياً، والالتزام بإمدادها بما تحتاج إليه في هذا الجانب، كما تناول اللقاء الشراكة الاقتصادية بين البلدين، والتأكيد على تعزيز التعاون في هذا المجال، والسعي في البحث عن فرص جديدة في هذا الإطار.
* *
وقد لاحظ المراقبون ووسائل الإعلام أن الرئيس الأمريكي تعمّد أن يخص الأمير بكثير من الاهتمام لإظهار حرصه على تطوير العلاقة بين الرياض وواشنطون، فإضافة إلى استدعاء الرئيس للمصورين لتصوير اللقاء على غير ما يقضي به البروتوكول، فقد مثَّل استقبال الرئيس للأمير كأول مسؤول إسلامي وعربي بمثابة التأكيد على قوة العلاقة بين البلدية، ودورها الريادي في العالمين العربي والإسلامي، كما أن الرئيس من فرط انسجامه مع رؤى الأمير، وحماسه لسماع أفكاره، فقد رأى أن يستدعي عدداً من المسؤولين الأمريكيين ليستمعوا لما يقوله سموه، فضلاً عن أن الرئيس أقام الغداء للأمير في الجناح الشرقي، وتحديداً في الصالة العائلية، في دليل جديد على التقارب في وجهات النظر بين الرئيس والأمير.
* *
زيارة ولي ولي العهد للولايات المتحدة لم تقتصر على البيت الأبيض، ولا على الرئيس الأمريكي، وإما امتدت إلى عدد من القيادات ومسؤولي الإدارة الأمريكية، فقد اجتمع بوزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان المشتركة وكبير مستشاري البيت الأبيض ومستشار الأمن القومي في البيت الأبيض ومستشار الرئيس للمبادرات الاقتصادية وكبير الإستراتيجيين في البيت الأبيض ووكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية ونائب مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط ومديرة مكتب وزير الدفاع وكبير موظفي وزير الدفاع والمستشار العسكري الكبير لوزير الدفاع ونائب وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، وجرى خلال ذلك استعراض العلاقات الثنائية، ومجالات التعاون الإستراتيجية، وبحث مستجدات الأوضاع في الشرق الأوسط والعالم، والجهود المبذولة في مكافحة الإرهاب.
* *
ومثلما كان هناك تطابق في وجهات النظر بين الرئيس والأمير، فقد كان هناك تطابق تام في جميع القضايا التي تمت مناقشتها مع القيادات الأخرى في الجانب الأمريكي، بدليل اتفاق الجانبين على القيام بعدة مبادرات سوف يجري العمل عليها خلال الأيام القليلة القادمة، أي أننا أمام عمل ثنائي مكثّف تقوده رغبة مشتركة لإعادة العلاقات إلى أفضل مما عليه، وأن الأمير بزيارته القصيرة قد حقق بشهادة الإعلام الأمريكي من النجاح ما لم تحققه سنوات ثمان كان سيّد البيت الأبيض فيها الرئيس السابق أوباما، وهذا بقدر ما يسجّل للرئيس ترامب، فإنه يسجّل للمحاور الشاب محمد بن سلمان.