عبد الاله بن سعود السعدون
تفتح عمَّان الهاشمية أذرعها وقلبها مستقبلة ملوك ورؤساء الأمة العربية في اجتماعهم الثامن والعشرين للقمة العربية تحت ظروف عربية - عربية صعبة ومعقدة في علاقاتها الرسمية والشعبية؛ فآثار اللهيب العربي ما زالت تأكل في الإنسان والأرض بحروب الأشقاء، ورخص الدم والوطن. مسؤولية قادة الأمة في قمة عمّان مهمة وثقيلة، ويأتي على رأس أجندتها قضيتنا المصيرية الأولى (فلسطين)، التي ضاعت أرضها المسلوبة حتى امتدت أيادي سارقيها من الإسرائيليين إلى ضفتها الغربية، آخر موقع فلسطيني قابل للتفاوض العربي - الإسرائيلي على أساس المعادلة السلمية، وما احتوته من مئات القرارات الأممية والملغاة بالفيتو الأمريكي، وبقيت المبادرة العربية وحل الدولتين المجمد والمعرقل من قِبل الدولة العبرية المغتصبة المنادية بالدولة اليهودية كأساس لكل مفاوضات قادمة؛ لتكون المعادلة الجديدة للحل السلمي المنتظر من قِبل الصهاينة هي عودة عرب الداخل إلى غزة الباقية من الأرض الفلسطينية..
الملف الآخر الذي يتساوى مع قضية فلسطين البيت العربي الذي أصبح في أكثر من موقع مدمرًا مخربًا ومسرحًا عالميًّا لكل أسلحة القتل الوحشي لشعوبنا العربية في عراق الرافدين وسوريا وليبيا واليمن بتصارع عربي إقليمي عالمي دون رحمة وخشية من المجتمع الدولي الذي يغمض عينيه عن كل الجرائم اللاإنسانية نحو شعوب هذه الدول الفاشلة، التي هجر مواطنوها قسرًا للنجاة بأرواحهم؛ لتتلقفهم قسوة الطبيعة وذل المهجر. وتنتظر هذه الملايين المهجرة طريق العودة بإنشاء صندوق عربي يمول عودتهم لديارهم بكل كرامة وأمن.
كما أن هاجس الإرهاب الذي يهدد كل عالمنا العربي تحت مسميات عدة ألحق بالعرب والمسلمين ظلمًا مقصودًا، كأداة قذرة ضد دولنا العربية المسالمة وتشويه للإسلام الوسطي الحنيف، ينتظر أيضًا الخطة المشتركة لاجتثاثه من التراب العربي.
العلاقة العربية - الإيرانية المتصفة بعدم الثقة والاحترام والمكابرة من الجانب الإيراني المحتل للجزر العربية الثلاث تنتظر قرارًا جماعيًّا وقويًّا من القمة العربية لوقف النظام الإيراني من التدخل في الشأن العربي، وبالتحديد في دول مجلس التعاون الخليجي العربي. والأمل معقود بعرض قضية الشعب العربي الأحوازي على أجندة القمة العربية لإصدار قرار داعم ومؤيد لنضال الثورة الشعبية لتحرير الأحواز العربية.
وتشكل القمة الثنائية المؤمل انعقادها بين العاهلين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وأخيه الملك عبدالله الثاني قبل انعقاد قمة عمّان بيومين أملاً؛ ليعطي هذا اللقاء التاريخي أهمية عميقة لدعم أجندة القمة الثامنة والعشرين، وتوحُّد الرؤى العربية، وترتيب البيت العربي نحو الأمن والاستقرار والمصالحة والتنمية الشاملة.
إن تحقيق النجاح سيسجل للقيادة الأردنية موقفًا مشرفًا بتحقيق وحدة القرار العربي، والعبور بأمنه القومي للاستقرار، وبدء مرحلة السلام والتنمية الشاملة، وترميم البيت العربي مما أصابه من تدمير وتخريب.
أملنا كبير بإخلاص قادة أمتنا في الخروج بقرارات تعيد الأمل لأبناء أمتنا العربية.. ننتظر الشمس لتشرق من قمة عمّان، وتبدد ظلمة كهف اليأس العربي.