جاسر عبدالعزيز الجاسر
تشهد العاصمة الأردنية (عمان) بعد أيام عقد القمة العربية.. هذه المرة فكَّر المسؤولون الأردنيون أن يكون القادة العرب غير بعيدين عن ما سُلب من أرض العرب، فجلسات القمة العربية ستُعقد على شاطئ البحر الميت الذي يفصل الأردن عن فلسطين، وقد تُذكِّر قربُ المسافة العربَ بمسؤولياتهم عن إعادة ما سُلب من الوطن، وتذكرهم بعدم التفريط بما تبقى من أوطان وأراضٍ عربية بعد تمدد نفوذ بل وحتى تحكم دول إقليمية في أكثر من دولة عربية إلى مستوى (الاحتلال)، فاستلاب الإرادة، وإلغاء سيادة القرار الوطني، والتحكم حتى في موارد وعلاقات الدول هو احتلال لا يختلف عن احتلال الإسرائيليين لفلسطين.
أوضاع المنطقة العربية وبالذات في إقليم الخليج العربي وسوريا والعراق واليمن وحتى لبنان، وما تشهده ليبيا، والتهديدات الإرهابية التي تتعرض لها مملكة البحرين ومصر، وما يخطط لدول الخليج العربية يفرض على القادة العرب أن يعالجوا القضايا العربية المتعددة هذه بحرص وتجرد والتركيز على الهموم العربية، وعدم الخضوع لأي إملاءات وأجندات تخدم مصالح القوى الدولية والإقليمية الأخرى مهما كانت المبررات.
المصلحة العربية العليا، وكذلك مصالح الدول الوطنية منفردة تتطلب أول ما تتطلب الحفاظ على سيادة تلك الدول وتحصينها من أي اختراق أو السماح بالتدخل في شؤونها الداخلية. ولهذا، فمن واجبنا كمواطنين عرب وكمهتمين بالشأن السياسي وصحفيين لنا فرصة بإيضاح الأمور أن نحذِّر من محاولات البعض في القيام بالوكالة عن بعض القوى الأجنبية إقليمية أو دولية، بنقل آرائها وأفكارها بل وحتى السماح بتمرير ما تريد فرضه على العرب، ومنها الحديث عن التحاور مع دول الجوار الإقليمي، والمقصود هنا نظام ملالي إيران الذي لم يكتف بفرض هيمنته على ثلاث دول عربية ويسعى إلى ضم اليمن كدولة رابعة مع مواصلة التدخلات في دول الخليج العربي.
نعم لأي حوار مع أي قوة دولية أو إقليمية، ولكن يجب أن يكون واضحاً وصريحاً ومبنياً على أسس ثابتة ومتينة تلتزم بها هذه القوى والدول، والتي من أهمها تعهد تلك الجهات الدولية بعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وكفها عن دعم وإرسال الجماعات الإرهابية والتخريبية إلى الدول العربية، وألاَّ تفكر بمد نفوذها إلى دولنا.
طبعاً لا يمكن لأي دولة أو قوة أن تقر بأنها تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى رغم أن كل ظواهر هذا التدخل ثابتة، ولا تعترف بدعم الجماعات الإرهابية والمعارضة رغم العديد من الوقائع وباعتراف مسؤوليها بزعم الدفاع عن مكون معين من المواطنين العرب لم يطلبوا منهم ذلك. كل هذا معروف إلا أن الذين يقدِّمون اقتراحات مشاريع وبعضها قُدِّم إلى مؤتمر القمة القادم لمساعدة دول معينة لبسط نفوذها وهيمنتها على دول الجوار العربي، سواء عبر من لا زالوا يثقون بتلك الدول أو ممن يخضعون لإملاءاتهم ضمن الأنظمة التي تتبجح إيران بأنها لها نفوذ أو (ميانة) عليها، وهذه الدول والأنظمة المطلوب منها قبل أن تقدم مشاريعها حتى تُبحث في اجتماعات الجامعة العربية أن تحصل من نظام إيران بالذات على تعهد بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، وأن توقف عبثها بأمن دول الخليج العربية. وما لم يقدم مقدمو اقتراح (الحوار الإقليمي) من تلك الدول التي أصبحت تتهافت على طلب الحوار بعد أن شعرت بقرب تعرضها للعقاب الدولي بعد تماديها في دعمها للتخريب والإرهاب.. ما لم تحصل تلك الدول على مثل هذا التعهد المطلوب يكون أي حوار محكوم عليه بالفشل ولا يحقق سوى وقت إضافي للذين يعملون على مد نفوذهم للمنطقة العربية.