خالد بن حمد المالك
الأمير محمد بن سلمان هو خامس شخصية على مستوى العالم يسمح وقت أكبر رئيس لأعظم دولة باستقباله، فالرجل الثالث في سلم المسؤوليات بالمملكة، الأمير الشاب النشط الذي حظي باستقبال غير عادي، وحفاوة كبيرة، وغداء عمل، ربما لم يحظ بها القادة الأربعة الذين سبقوه في لقاء الرئيس ترامب، وهذا يظهر للعالم ولنا في المملكة مكانة دولتنا وملكها وسلسلة من القيادات الفاعلة وعلى رأسها ولي العهد وولي ولي العهد.
* *
تحدث الأمير بصوت عال، ونقل للرئيس ما وجهه به خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وقد استخدم مواهبه وقدراته وصدقه وتاريخ بلاده المشرق في إيضاح ما أخفي (ولا أقول ما خفي) وعاد سموه بذاكرته إلى الماضي، إلى ما يعزز موقفه مستشهداً بمواقف المملكة، بالتزاماتها، بالمبادئ التي رسمها جده الملك عبدالعزيز، وسار عليها ملوك وأمراء المملكة واحداً بعد الآخر.
* *
كأني كنت حاضراً هذا اللقاء، أسمع الأمير متحدثاً، وأصغي إلى سماع تجاوب الرئيس، وأعيش ذات الأجواء الجميلة التي عاشها ولي ولي العهد، ومن ثم تفاعلنا معها عندما تم كسر لحظات الصمت وأعلن عن استيعاب الرئيس لكل ما تحدث به ضيف البيت الأبيض الكبير في زمن صاخب وفي ظل أحداث وتقلبات سياسية مهمة، بالإعلان عن التفاصيل لكل ما جرى من تفاهمات بينهما.
* *
لم يلتق الأمير محمد بن سلمان بالرئيس ترامب عن ضعف، ومن المؤكد أنه كان وهو يتجه في الموعد المحدد للقاء الرئيس في البيت الأبيض قد قرأ ما قاله الملك عبدالعزيز للرئيس روزفلت، وما توصل إليه الزعيمان آنذاك من تحالف حقيقي، وذلك قُبيل أن تُبحر بالملك عبدالعزيز البارجة (يو إس إس ميرفي) عائداً إلى جدة في أعقاب انتهاء مباحثاتهما، وعودة كل منهما إلى بلده، فقد جاء الأمير إلى اللقاء متكئاً على علاقات إستراتيجية تاريخية تمتد إلى عقود من الزمن، وفيها من التكافؤ والاحترام المتبادل بين المملكة وأمريكا ما جعلها في مأمن من التقلبات التي وإن حدثت فسرعان ما تعود المياه إلى دروبها الحقيقية.
* *
الملك عبدالعزيز وخلال الساعات الأربع أو الخمس التي استغرقتها مباحثاته مع روزفلت، لم يطلب مساعدات اقتصادية، ولم يناقش هذا الموضوع مع الرئيس على الرغم من الضيق والمعاناة اللذين كانت المملكة تواجههما، وإنما كان همه وقضيته الدولة الفلسطينية، وهنا تكمن القوة والثقة، فقد كان الملك عبدالعزيز صلباً في مواقفه، ويفكر بما هو أهم وبمهارة عالية خلال لقائه بالرئيس روزفلت، وهي ذاتها المهارة السياسية التي حاكاها واستلهمها محمد بن سلمان من الملك عبدالعزيز، حيث مشى على خطى الملك المؤسس في لقائه بالرئيس ترامب، وهو يدرك أن المملكة لها أهمية إستراتيجية، وأنه لا بديل أو خيار للولايات المتحدة الأمريكية عنها، كما أن أمريكا لها أهميتها التي لا غنى للمملكة عنها.
* *
لقاء ولي ولي العهد بالرئيس الأمريكي، أخذ وضعاً غير معتاد، وأهميته جاءت من خلال إشارات ومواقف من الرئيس تؤكد حجم اهتمامه بالمملكة، فقد أعطى للأمير أهمية ربما أنها بأكثر مما أعطاها الرئيس لمن سبق له أن التقى بهم قبل الأمير من القادة، فبروتوكول اللقاء بالأمير لم يتضمن مثلاً أن يأتي الصحافيون لتصوير سموه والرئيس، ولكن الرئيس طلب حضورهم، وهذا يدل على اهتمامه بلقاء الأمير، ودليل على حفاوته به، وإلا لما كسر البروتوكول.
- يتبع -