«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
في تويتر والواتساب وحتى الفيسبوك، يتسابق البعض في نشر صور أكواب القهوة المثيرة خصوصا أن بعضهم والحق يقال أحسن اختيار زوايا التصوير والتركيز على رغوة القهوة المشبعة بالكريمة، وبالتالي أصبحت صور القهوة منظراً شائعاً عند الكثيرين ممن يتابعون هذه المواقع الاجتماعية، بل وصل الحال ببعضهم أن يصور سناباته وهو يحمل كوبا ورقيا مليئا بالقهوة؟! والقهوة قبل وبعد اسمها العلمي (coffea) وهي جنس من النباتات وشجرتها دائمة الخضرة وثمارها حمراء اللون عندما تنضج.. وأحدث الدراسات عن القهوة أشارت إلى أنها تساهم في انخفاض نسبة السكر لدى مرضى النوع الثاني والذين يشربون القهوة.. وربما لا يعلم البعض أن قهوة «الموكا» ليست مشروباً أوربياً أو غربياً إنما هي مشروب عربي من اليمن، رغم أنه بات اسما عالميا بل هناك من يتفاخر به كونه مشروبا فرنسيا أو إيطالياً الخ.. لكنه في الواقع وللتاريخ فهو يحمل اسم ميناء (المخاء) اليمني الشهير والذي كانت تصدر منه أكياس البن إلى مختلف الدول.. وفي اليمن الذي كان من أوائل دول العالم في إنتاجه بل وحتى اكتشاف شجرته الشهيرة، وكنا ونحن تلاميذ صغار نقرأ في مجلات ذلك الزمان حكاية راعي الغنم والذي لاحظ أن أغنامه تصبح أكثر نشاطا وحيوية عندما كانت تتناول حبات البن، وهناك من يعزو هذه الحكاية لراعي يمني وآخرون ينسبونه لإثيوبيا، ونسبة كبيرة من كتابات المؤرخين يشيرون إلى أن أبناء الجزيرة ومنها بالطبع بلادنا العزيزة كانوا من أوائل من شرب القهوة بل وتفنن في إعدادها من خلال تحميص حباتها في (المحماس) ومازالت هذه الطريقة لإعداد القهوة العربية مستخدمة لدى أهلنا البدو وبعض سكان البادية في المملكة والشام والأردن ولبنان وفلسطين وسيناء وليبيا..
ومن الأشياء التي تذكر عن هذه القهوة الساحرة والمثيرة للنشاط والحيوية أن الموسيقار «باخ» وضع قطعة موسيقية في مدحها وإطرائها وسماها الدكتور وليم هارفي مكتشف الدورة الدموية «مصدر السعادة والظرف» وأقام الملك لويس الرابع عشر أول بيت زجاجي في فرنسا لنمو شجيراتها المرهفة..؟! هذا وتعتبر حبة القهوة العربية الأصل أثمن السلع العالمية وتزيد قيمة تجارتها المنقولة على عشرات المليارات من الدولارات، ونحن صغار كنا نتلذذ بمشاهدة آبائنا أو حتى أمهاتنا وهم يعدون حبات القهوة في «الوجاق» ومن خلال تحميصها في «المحماس» ونشم رائحتها الساحرة، وكما هو معروف فالقهوة في المملكة يختلف إعدادها من منطقة وأخرى حيث تضاف بعض المطيبات إليها كالهيل أو الزعفران أو حتى (القرنفل)، والمعروف في مجتمعنا بالمسمار. أما في العصر الحديث فباتت محلات القهوة الحديثة والتي تحمل مسميات جاذبة لعشاق القهوة فهي تتنافس وتتفنن في تقديم أنواع مختلفة من مشروب القهوة، فهي تقدم بالكريمة أو الحليب أو مع الشكولا.. والجدير بالذكر ومع الاهتمام بالقهوة راحت دول عديدة خاصة التي يناسب طقسها وطبيعتها وتربتها لزراعة شجرتها في تطوير وتوسيع حقول زراعتها والاهتمام بها حيث تزرع في أكثر من 50 دولة في العالم يقع معظمها قرب خط الاستواء والبن هو المصدر الرئيسي للدخل القومي في هذه الدول..؟!