ماجدة السويِّح
أثار مشهد الشاب التركي الذي قام بتقديم خاتم الخطوبة لخطيبته أمام الكعبة المشرفة الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين رأى غالبيتهم أن الفعل يتنافى مع روحانية المكان، فالطريقة الهوليودية في طلب يد الفتاة تجاوزت قدسية وروحانية المكان الذي يقصده المسلمون من كل بقاع العالم للعبادة والوقوف بين يدي الله -عز وجل- لغرض العبادة وطلب المغفرة والرحمة.
موجة الغضب من التصرف الأرعن الذي لم يراع لا الزمان ولا المكان الشريف طالت الإعلامي التركي من مواطنيه في تركيا قبل مواطني الدول الأخرى، حيث طالب البعض بمعاقبة الشاب على تهوره وحبه للشهرة، مما دفعه لحذف حساباته في جميع وسائل التواصل الاجتماعية خوفًا من تبعات ذلك العمل الأرعن.
في حين رأى البعض أن تصرف الشاب لا غبار عليه فهو يطلب البركة بفعله، كما احتج بعض المؤيدين بالتقليد المتوارث بين أهل مكة في عقد القرآن بين جنبات الحرم المكي الشريف طمعًا في حصول البركة.
والواقع أنه لا مجال للمقارنة بين تقليد رسمي يحضره العريس وأهله بكل وقار وتقدير لقدسية المكان، ومحاولة الشاب في الجثو على ركبتيه لتقديم خاتم الزواج وسط ضحكات خطيبته أمام الكعبة المشرفة في بادرة تفتقر لتعظيم الحرم الشريف.
من يرى أن انتقاد ذلك العمل وبيان قبحه ورعونته هو عدو حقيقي للحب والمشاعر الرومانسية هو في حقيقة الأمر يتناسى أن لكل مقام مقال، ولكل مكان قواعد وتنظيمات يفترض أن تتبع وتحترم، بل إن للمتاحف والأماكن التاريخية قواعد وتنظيمات يجب أن يراعيها الزائرون إكرامًا وتقديرًا لقيمتها المعنوية والتاريخية، كمنع التقاط الصور، والأكل ...إلخ فما بالك بالحرم الشريف مكان الطائفين والركع السجود؟!
فحين يفتح الباب على مصراعيه ستتحول ساحة المطاف والأماكن المقدسة هدفًا للحمقى والمتسرعين لنيل الشهرة بالتقاط صور لا تقل غرابة وندرة عن الحادثة المذكورة.
هذه الحادثة لن تكون الأولى فقد سبقها حادثة دخول عروس من دولة عربية بفستان الزفاف الأبيض للحرم طمعا بالبركة قبل عدة أشهر، ولن تكون الأخيرة، لذا على الرئاسة العامة لرعاية شؤون الحرمين مسؤولية التصدي لتلك الممارسات الغريبة التي تنتهك قدسية الحرم المكي الشريف بالتوعية والتثقيف للزوار القادمين من الخارج وداخل السعودية.
كما أقترح أن يتبنى مشروع تعظيم البلد الحرام مسؤولية المبادرة بعمل برنامج يركز على أخلاقيات استخدام كاميرا الهواتف المحمولة في الحرم المكي، التي باتت طريقا قصيرًا لطالبي الشهرة عن طريق نشر الممارسات الغريبة، أو التطفل على الزوار المتواجدين للعبادة وتصويرهم ونشر صورهم في انتهاك صارخ للخصوصية وحرمة المكان، أو التشويش على المصلين بكثرة التقاط الصور والبث الحي لعبادته، التي افتقدت السكينة والروحانية مع كثرة الانشغال بالتصوير والإرسال لقوائم لا تنتهي بدءًا بالعائلة، والأصدقاء ثم المتابعين.