فضل بن سعد البوعينين
لسنوات طِوال؛ استخدم المسؤولون عن قطاع الطاقة الكهربائية في السعودية؛ فزاعة تكاليف توليد الطاقة البديلة المرتفعة من أجل الحؤول دون البدء في مشروعاتها وضخ الإستثمارات فيها. لا خلاف على أن تكاليف الطاقة البديلة بشكل عام؛ والطاقة الشمسية بشكل خاص كانت مرتفعة آن ذاك؛ فهذا ديدن التقنيات الجديدة؛ إلا أن الامتناع عن الاستثمار فيها شكل خطأ إستراتيجيا لا يُقبل تبريرة؛ فالمملكة كانت من أوائل المنخرطين في مشروعاتها قبل أربعين عاماً.
وزير الطاقة السعودي؛ المهندس خالد الفالح؛ أشار في كلمته التي ألقاها ضمن فعاليات مؤتمر أسبوع سيرا السنوي للطاقة، في مدينة هيوستن، بولاية تكساس إلى «أن تكاليف البدائل؛ مثل الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية، آخذة في الانخفاض، نظراً لتحسن تقنياتها وارتفاع مستويات أدائها»، مؤكداً قدرة تلك البدائل على الاستحواذ على حصة أكبر في سوق الطاقة العالمية مستقبلاً.
يبدو أن رؤية المملكة 2030 واحتواءها على هدف إنتاج الكهرباء من مصادر بديلة؛ إضافة إلى إنشاء وزارة الطاقة التي أصبحت المرجعية الوحيدة للقطاع في المملكة؛ والمظلة التي تنضوي تحتها قطاعات إنتاج الكهرباء؛ سيضمن بإذن الله التوسع في إنتاجه من مصادر بديلة ومتنوعة تحقق الاستدامة وتحد من الانبعاثات الضارة؛ وتسهم في استثمار المقومات المتاحة؛ وتدشين قطاع صناعي جديد يمكن أن يخلق الكثير من الفرص الوظيفية؛ والاستثمارية الصغيرة والمتوسطة.
تمكنت وزارة الطاقة؛ خلال عمرها القصير؛ في إعادة هيكلة القطاع وتوحيد مرجعيته؛ والرفع من تنافسيته وشفافيته؛ ووقف تعارض المصالح الذي كان سبباً في وأد غالبية مشروعات الطاقة البديلة؛ ومن ثم الدفع بشركاتنا السعودية الكفؤة للاستثمار في دول أخرى بدل موطنها الأصلي!.
فعلى سبيل المثال لا الحصر؛ نجحت شركة «أكواباور» السعودية؛ الذي يمتلك صندوق الاستثمارات العامة حصة فيها؛ في إثبات كفاءتها وجدارتها الاستثمارية والتشغيلية؛ وقدرتها على خلق تحالفات عالمية لإنشاء محطات الطاقة البديلة وفق تقنيات حديثة ومنافسة. أكثر من 1200 ميجاوات تنتجها الشركة من محطاتها المنتشرة في المغرب؛ الأردن؛ بلغاريا؛ جنوب إفريقيا؛ والإمارات والتي يُشرف عل بنائها وتشغيلها سعوديون أكفاء نفتخر بقدراتهم وكفاءتهم المتميزة. الرجال يصنعون المستقبل؛ وهؤلاء السعوديون الشباب هم ثروات الوطن وعماد بنائها بإذن الله.
ففي الوقت الذي احتفى فيه الأخوة في الإمارات بتدشين الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم؛ نائب رئيس الإمارات ورئيس الوزراء؛ لمشروع الطاقة الشمسية في دبي؛ وتحقيق هدف زيادة حجم إنتاج الطاقة البديلة؛ واستكمال مرحلة مهمة من مراحل مشروع توليد مانسبته 75 في المائة من إحتياجات دبي من الطاقة بحلول 2050؛ حق لنا أن نفخر بشركة «أكواباور» السعودية المنفذة والمشغلة للمشروع؛ وبالكفاءات السعودية الشابة القادرة على صناعة المستقبل بتقنيات الحاضر.
اليوم؛ وبعد انتظار طويل؛ بدأت وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية خطوات عملية لتنفيذ مشروعات الطاقة البديلة.. المهنس الفالح أشار إلى قرب إطلاق باكورة المشروعات بطاقة إنتاجية تقارب 700 ميجاوات؛ من خلال إتفاقيات شراكة طويلة الأجل مع القطاع الخاص.
من المتوقع أن يشكل مشروعاً الطاقة الشمسية والرياح المزمع تنفيذهما نموذج قياس مستقبلا؛ أي أن نجاحهما يعني إنطلاقة سريعة لتحقيق هدف توليد 9.5 جيجا وات من الطاقة البديلة؛ وتعثرهما لا قدر الله؛ يعني تأخرنا في تنفيذ الهدف؛ لذا نرجو من الوزير الفالح أن يكون أكثر إنتقائية في إسناد المشروعين؛ وفق ثقافة أرامكو السعودية لا الوزارات الحكومية؛ وأن يستفيد الوطن من الكفاءات الوطنية ذات الخبرات الواسعة؛ و المشهود لها في قطاع الطاقة البديلة.
أبى الوزير الفالح في تصريحاته الصحفية إلا أن يثير علينا المواجع؛ حين ذكرنا بمشروع الطاقة الشمسية الذي بدأ قبل أكثر من 40 عاماً.. فهو النواة التي كان من المفترض أن تتحول اليوم إلى حقول مشعة للطاقة الشمسية النظيفة. أن نصل متأخرين؛ خير من ألا نصل؛ ووصولنا المتأخر يفرض علينا الاستفادة من التقنيات الحديثة؛ وتسريع عمليات التنفيذ وإختزال الوقت من أجل التعويض السريع في مجال الطاقة النظيفة والمستدامة؛ وهذا ما أتوقع حدوثه بإذن الله.