د. خالد عبدالله الخميس
جميل أن يكون كثير من المقالات التي تكتب في الصحف تلامس فكرة إصلاحية أو تفضح فساداً إداريًا أو ماليًا، لكن كل هذه المقالات رغم موضوعيتها لا يتعدى صوتها همس قارئها، أو إشعار كاتب المقالة بما نصه "ما شاء الله عليك، مقالك حلو"، وكاد شغل الشاغل للكتّاب هو الوقوع في الازدواجية حيث البحث عن عبارات المديح لمقالاتهم أو "رتوتتها" ونسيان محتوى الفكرة الإصلاحية.
ويتضخم حس الازدواجية عندما ينصب الكاتب نفسه قيماً على الحراك الإصلاحي في الوقت الذي يستثني نفسه من هذا الحراك، ومن هنا يقال كل فرد منا هو بذاتية خطيب مفوه بشأن الإصلاح لكنه مستمع مشاغب عند تمثله، وكل فرد منا هو بذاته منظر لسلوك النظافة لكنه لا يتوارى عن رمي مخلفاته في الطرقات، وكل فرد منا يلعن الفساد والمفسدين لكنه يمارس الفساد الإداري والمالي باحترافية.
للأسف، هذه الازدواجية ليست سلوكاً خارجاً عن كينونتنا كأفراد من مجتمع، وإنما كادت أن تتأصل في سلوكنا وكاد مركب الفساد أن يتعقد في فوضويته وفي شبكته، حتى أصبحت الكتابة عن مكافحة الفساد هو عبث صحفي، ولذا فلا تلم الكاتب عندما يقدم اهتمامه بجمال مقالته على همّ إصلاح الفساد ويصبح ديدنه هو البحث عن كلمة: مقالك حلو يا أستاذ. وبالمناسبة، قد يكون مقالي هذا هو عبث إصلاحي كما هو ديدن كثير من كتاب مقالات الرأي، ليكفيني بما استكفاهم "مقالك حلو يا أستاذ.!!!"