فهد بن جليد
المذيعة: معنا عبر الهاتف رئيس جامعة (..) أهلاً بحضرتك يا دكتور, إيه اللي حصل بالزبط فيما يخص واقعة شجار بعض الطلبة بالسلاح الأبيض؟.
مدير الجامعة: أهلاً بيك يا مدام، هل يجوز حد يكلم حد الساعة 11 في الليل عشان خاطر خناقة اثنين طلبة؟!.
المذيعة: إحنا صحيناك من النوم؟ إحنا مُتأسفين، الساعة كم يا جماعة...؟
الدكتور: آه والله أنا صحيت من النوم، واتخضيت لأن أولادي برا كلهم..
المذيعة: تقديرنا أن الموضوع ده مهم وخطير، لأن بعض الطلبة يدخلوا بالأسلحة البيضاء للحرم الجامعي.. فهذا تقديرنا، وطالما إن حضرتك شايف غير كده، وصحيت من النوم، إيه اللي حصل؟.
الدكتور: فيه حاجات أهم من خناقة طلبة مع بعضيهم، تشغلوا الرأي العام بيها، والموضوع انتهى وتحولوا للتحقيق.. إلخ.
انتهت المكالمة بغضب مدير الجامعة من الاتصال المُتأخر والمذيعة تقول له أنت نائم وما قدامك تلفزيون عشان تشوف المقاطع، وهو يقول الصبح بدري أكلمك عشان الموضوع ده، أنا رديت عشان اتصالكم المُتأخر..
الحوار السابق يُلخص ما حدث على الهواء مباشرة - هذا الأسبوع - في إحدى الفضائيات العربية، وتناقلته الصحف ووسائل الإعلام لاحقاً بشكل واسع، وسط انقسام حول أحقية فريق أي برنامج في الوصول للشخص المسؤول في أي وقت من أجل البحث عن الصورة كاملة للخبر وحقيقة الأمر، وبين حق أي مسؤول بالتمتع بخصوصيته الشخصية داخل منزله، و مُراعاة الأوقات المناسبة للتواصل معه.
برأيي أن هذه المُحادثة اختصرت لنا الكثير حول الصورة التي يتم بها إخراج بعض المسؤولين والمُتحدثين لصناعة الأخبار والتعليقات على الشاشات وفي معظم وسائل الإعلام، فرغم مُعاناة تهرب بعض المُتحدثين الرسميين و المسؤولين من الإجابة على أسئلة بعض الإعلاميين ، يقع من الإعلام ورجاله أخطاء مُماثلة لا يجب تجاهلها، وهي من ترسم المشهد في (عين المُتلقي) في نهاية الأمر .
ببساطة الحادثة وقعت الصبح وانتهت بالنسبة للمسؤول الذي انتهى يومه مساء وخلد للنوم، و على العكس من ذلك البرنامج يعرض آخر الليل واليوم بدأ للتو بالنسبة لطاقم العمل، وهنا يكمن سر (الصورة النمطية) لتقصير بعض المسؤولين والمتحدثين، وهو ما يصنع من بعض الإعلاميين أبطالاً, إمَّا بسبب السرعة في طلب التعليق، أو التراخي عن طلبه حتى ساعة الصفر..!.
وعلى دروب الخير نلتقي.