د. ناهد باشطح
فاصلة:
((هناك أمران فيهما إفراط: إبعاد العقل وعدم الاعتراف إلا بالعقل))
(حكمة عالمية)
هناك خيط رفيع بين تقدير الذات والأنانية، وخيط رفيع بين تقدير الذات والتمركز حول الذات «الايجو».
في العلاقات الإنسانية كثير من الجمال نفقده ليس بسبب الآخرين إطلاقًا، بل نحن السبب.
في كل حب ضيعناه، وكل صداقة فقدناها، وكل علاقة مغذية لأرواحنا أهدرنا جمالها كنا نحن السبب.
لكن الإشكالية أننا لا نعترف حتى لأنفسنا بأننا كنا السبب؛ ولذلك تتكرر إخفاقاتنا في الاحتفاظ بأجمل العلاقات.
في علاقتنا بالآخر عادة ما نعطيه ما نحتاج إليه نحن وليس ما يحتاج إليه هو؛ وهذا يعجّل - ربما - بخنق الآخر عاطفيًّا.
وغالبًا نحن ننتظر من الآخر أن يهتم بنا كما نريد، وهو حقنا، لكن علينا أن نتفهم مستوى وعي الآخر؛ إذ إن هناك من لا يتحمل مسؤولية العلاقة ذاتها، ولا يوجد لديه الوعي بأن نجاح العلاقة يتوقف على الطرفين؛ ولذلك كان الحوار والشفافية من أصدق الأدوات لبناء العلاقات الإنسانية أيًّا كان نوعها.
إنما يكون من المؤسف أننا لا نفتح قلوبنا للتحاور حول علاقتنا ببعضنا بعضًا، ونترك مشاعرنا السلبية تتراكم تجاه الطرف الآخر حتى تنفجر يومًا ما.
كل العلاقات تنضج بالحوار، حتى علاقتنا بأقرب الناس مثل أولادنا إن تعاملنا معهم كطرف في العلاقة واستبعدنا سلطتنا الوالدية.
الحب ليس سهلاً، وليس صعبًا، لكنه أعلى درجات المسؤولية..
وهو الذي إن استطعنا أن نعيشه فإنه يرفع مستوى الوعي لدينا بحياتنا وكل ما حولنا.
أن تحب الآخر متحررًا من كل قيود الأفكار القديمة التي غذتك بها ربما الأسرة أو وسائط التنشئة فإن ذلك يعني أنك وصلت إلى المرحلة التي تستطيع أن تكون فيها مسؤولاً عن هذا الحب، وتضع نفسك دومًا في جانب السبب وليس النتيجة.
نعم، أنت السبب وإن تغيرت سيتغير الآخر، لكنك أبدًا لا تنشغل بتغييره فتدخل في صراعات عميقة مع نفسك ومعه.
ولذلك، ولأن العلاقات مع الآخرين تحتل مساحة كبرى في حياتنا، فإنه ليس من العقل ألا نقرأ.. ألا نفهم.. ألا ندرك إلى أي مدى تؤثر علاقاتنا الإنسانية مع الآخرين في حياتنا؛ وبالتالي من المهم أن نفهم أنه قد لا توجد قواعد أساسية لتكوين علاقة والمحافظة عليها، وقد توجد أساسيات لن نعرفها ما لم نعد إلى النقطة الأولى والأهم، وهي اقتناعنا بأننا مسؤولون بالدرجة الأولى عن هذه العلاقة، وليس الآخر.