عبدالله العجلان
حينما يتصدى مجلس الوزراء للتعصب الرياضي ويصدر قراراً لايقاف نزيفه، فهذا يدل على انه لم يعد مجرد ظاهرة وقتية وتختفي وانما بلغ حدا يمس الوطن بمجمله ويؤثر على ثقافة واسلوب حياة وتفكير مكوناته وتحديدا الشريحة الاكبر وهم الشباب، كما يؤكد انه افرز مشكلات اجتماعية وثقافية خطيرة ومعرقلة لبناء الوطن وتنميته..
الان اصبحت مسؤولية متابعة ومعاقبة ارباب التعصب ومروجيه تقع على عاتق الجهات المحددة في القرار : وزارة الداخلية ووزارة الاعلام وهيئة الرياضة، وهي في تقديري مهمة ليست صعبة متى ما كانت الجهات الثلاث جادة ومتحمسة لتطبيق القرار، وقبل ذلك مدركة لخطورته وضرورة التعامل معه بحزم وحرص على الا يستثني احدا، وانه لا يقبل التسويف والتمييز بين طرف واخر ..
مقالات واراء ورسائل عديدة طرحناها هنا وفي مواقف اخرى معلنة وغير معلنة كنا دائما ومنذ سنوات مضت نحذر من الوصول الى هذه المرحلة المدمرة المزعجة، ولم اكن وغيري من الزملاء نبالغ او نغالط الواقع فيما نراه ونتخوف منه، بل كان الجميع يشعر به ويدرك ابعاده لكن لا أحد وقف في وجه المتجاوزين والمتهورين، الى ان تطورت الامور الى ما نحن عليه، والاكثر مأساة في هذا الجانب ان هؤلاء هم من وجدوا انفسهم في الصفوف الاولى، وهم من يتقلد المناصب وتوظيفهم والاحتفاء بهم في البرامج والمناسبات وحتى المهام الرسمية، ما جعلهم يتمادون ويؤثرون على تلاميذهم وجمهورهم المغلوب على أمره ليس فقط في تعصبهم لانديتهم، وانما في تطاولهم واكاذيبهم واتهاماتهم وتشكيكهم ونشرهم لثقافة الحقد والايذاء والكراهية لكل من يتفوق عليهم، او من لا يشاركهم نفس التوجه والميول..
بالمناسبة كثيرون حاولوا في الأيام الماضية التي أعقبت صدور القرار ان يتنصلوا ويبعدوا انفسهم من تصنيفهم كمتعصبين رغم تاريخهم الحافل بكل الوان واشكال التعصب، واخرون أرادوا ايهام الناس وتحديدا الجيل الحالي بأن بذور التعصب غرسها وسقاها قديما فقط اعلاميون، وذلك لصرف الأنظار عن رموزه الحقيقيين من رؤساء اندية واداريين واعضاء شرف كانوا وقتها لا يترددون بشتم ومهاجمة كل من يخالفهم الرأي والميول، وكل مسؤول او حكم او حتى اعلامي لا يحقق رغباتهم ومطالبهم، حتى بلغ تعصبهم حد الاستهزاء بالبشر باسمائهم واشكالهم وحتى جنسياتهم.
في هذا الشأن لابد من التنويه بأهمية ان يكون للمتلقي على صعيد البرامج والمطبوعات او وسائل التواصل المختلفة دور في تهميش هذه الفئة من المتعصبين سواء كانوا اعلاميين او اداريين ومقاطعتهم ونبذهم ومحاربتهم وعدم التفاعل معهم حتى لا يكون شريكاً لهم ومساهماً في تشجيعهم وترويج افكارهم.
كذبة المؤامرة ضيعت العميد!
لا أظن ان اتحاديا عقلانيا او متابعا منصفا ومطلعا استغرب قرار الفيفا الاخير بمنع الاتحاد من التسجيل لفترتين متتاليتين، كما ان اية عقوبة جديدة قادمة اكبر من خصم النقاط ومنع التسجيل لن تكون هي الاخرى مفاجئة او غير متوقعة لكل من يعرف حقيقة ما حدث لهذا النادي العريق في سنواته الاخيرة العاصفة، والتي لم تتوقف عند حد الصراع بين الادارات فحسب، وانما تجاوزته الى مرحلة الفساد المالي والتآمر والتخريب غير المحسوبة عواقبه على حاضر ومستقبل الاتحاد الكيان والتاريخ والجمهور.
حاليا (وقع الفأس على الرأس)، وبيانات التوضيح والتبرير المتبادلة بين الادارة الحالية والسابقة لن تلغي قرارا او تصحح اخطاء، بقدر ما تزيد الامور تعقيدا وتأزيما والجمهور الاتحادي انقساما، وطالما انه لا تلوح في الافق الاتحادي اية بوادر اصلاح او احتواء او انقاذ ما يمكن انقاذه في ظل التشتت الذي يعيشه العميد، اصبح من الضروري ان تتدخل هيئة الرياضة وتطالب مجلس ادارة المهندس باعشن بعقد جمعية عمومية غير عادية لمناقشة العقوبة الاخيرة والقضايا والملفات المنظورة في لجان الفيفا، والعمل سريعاً على معالجتها.
الاعلام الاتحادي او بشكل ادق معظمه والمنقسم على نفسه والباحث عن طموحاته واهوائه الشخصية على حساب مصلحة الاتحاد يتحمل الجزء الاكبر في الكارثة، عندما تحول البعض منه ليكون بوقا لتحسين صورة ادارة او اشخاص بعينهم مقابل التشويه والاساءة للادارات الاخرى السابقة واللاحقة، اضافة الى تكريسه لنظرية المظلومية والاستهداف من جهات واطراف خارجية، وبرزت هذه الصورة واتضحت ملامحها بعد الخسارة الاخيرة من الهلال 1/3، فلم يناقش هذا الاعلام الاسباب الحقيقية للخسارة وانما تفرغ لمهاجمة الهلال والتشكيك بفوزه واهدافه وحتى افراح لاعبيه وجماهيره، والاسوأ من هذا ان الجمهور الاتحادي بات اسيرا ومستسلما ومقتنعا بهذه الافكار، ما انعكس على تصرفاته في الملعب وعلى لغته اثناء الحديث عن الخسارة.
من جديد اعود لاقول ان ازمات الاتحاد لن تنفرج الا بالتخلص من اوهام التآمر عليهم، وبعودة الاستقرار والتكاتف والتفاهم والالتقاء فيما بينهم وتناسي حروبهم التافهة اذا كانوا بالفعل جادين في تحقيق مصلحة العميد.