عبد الله باخشوين
.. قبل سنوات طويلة كانت نتائج مباريات كرة القدم تقودنا بشكل تلقائي للحديث عن ((الدنبوشي)) والسحر الأسود.. خاصة إذا كان الفريق الخاسر هو الفريق الذي نشجعه.
في بعض بطولات أمم إفريقيا كنا نرى بعض المنتخبات لا تحضر إلا برفقة فريق سحرتها الذي يحتل مكاناً مناسباً فى أحد المدرجات.. مرتدياً أزياء أسطورية غريبة يقوم بأعمال أكثر غرابة.. لكن في البطولات الأخيرة تم منع ((السحرة)) من مرافقة الفرق والدخول للملاعب.
طبعاً لم يلبث أن تخلل أحاديثنا الكثير من النكران والاستنكار وكان بيننا من هو شديد العقلانية بحيث يتم رفض فكرة السحر والإيمان به جملة وتفصيلاً.. غير أني ما زلت أذكر تلك الحكاية التي رواها لنا من نعتقد أنه خبير بخفايا كثير من الأمور التي نحن بعيدين كل البعد عن مجالها ومن ضمنها ((السحر)) والعياذ بالله.
قال الرجل:
- أعرف ((شخصاً ما)).. متزوج من امرأة ذات أصول إفريقية.. وهي على اتصال وثيق بأحد السحرة الكبار ((من جماعة أهلها)) وصل للحج ثم استقر في مدينة جدة وأخذ يروج لعمله عن طريق معارفه –وهي أحدهم– لكنها أحبت ما يقوم به وتقربت منه.. وكان أن قال لها:
- سوف أحقق لك أمنياتك ويصلك المال وتملكين القدرة على رؤية ما لا يراه الإنسان العادي.. لكن طلبات ((الأسياد)) صعبة ولا تقدرين عليها..
قالت بلهفة:
- اطلب وتمنى.
قال وهو يحدق فيها بفضول يراقب ردة فعلها:
- تقدري تجيبى عيون أخو زوجك؟
قالت متأملة الموضوع:
- عيونه الحقيقية؟
قال:
- تحطيها فى قارورة ولا مرطبان مليان موية وتجيبيها وتنالي كل اللي تتمني..
زوجها استعذب الفكرة حباً في المال وما يعد به الساحر.. ولشدة كراهيته لأصغر إخوته.. قال بلا مبالاة:
- بسيطة.. أجيبها.. متى تبغيها.
ولأن أخيه ((مدمن مخدرات)) ذهب إليه.. وحقنه حقنة مميتة ثم اقتلع عينيه ومثل به بما هو أبشع.. ووضعه في سيارته أسفل بيته وعاد لزوجته وهو يحمل ((المرطبان)) ويضحك كالمخذول.
أمام دهشتنا وإستنكارنا وعدم قدرتنا على التصديق.. قال الرجل بمنتهى الجدية:
- الراجل صور العملية كلها.. والصور اتسربت ووصلت لناس أعرفهم.
عندها سلمنا أمرنا لله واستغفرنا.. وتطايرت أسئلتنا:
- ما في أحد عرف؟ ما أحد اشتكاه على الحكومة؟
قال الرجل:
- لا.. وبعد يومين راح هو وأخوه الثاني وأحد معاهم واستلموا الجثة من الثلاجة ودفنوها.. ياجماعة ليش مستغربين.. الراجل مات بتناول ((جرعة مخدر زايدة)) وهذا أمر واقع وثابت ومسجل وما أحد يقدر يتهمه أو يتهم أحد غيره.
وسكت.. لكننا أردنا أن نعرف منه المزيد.. قلنا:
- طيب وبعدين آيش صار؟
قال بضيق:
- راحوا دفنوه.. وفي ستين داهية معد أعرف عنهم أي حاجة بس الغريب هو اللي حصل في المقبرة.. لأنهم طلعوا بعد الدفن وكل واحد منهم يقول: ((الله يرحمه محظوظ.. دفناه مع طفل صغير.. إن شاء الله يشفع له يوم القيامة.. وكأن الحكاية بالواسطة)).