د. محمد عبدالله العوين
وافق مجلس الوزراء الموقر في جلسته التي انعقدت بتاريخ 7-6-1438هـ برئاسة نائب خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز على الترتيبات التنظيمية للهيئة العامة للثقافة في الفقرة الحادية عشرة ضمن قرارات المجلس التي ناقشها في تلك الجلسة.
ونشرت الجريدة الرسمية "أم القرى" نص الترتيبات كاملة في عددها الصادر يوم الجمعة الفائت 18-6-1438هـ في أحد عشر بندا تحتها تفصيلات إيضاحية لتعريف الهيئة وأهدافها وصلاحياتها وتمويلها ونظام عملها وأسلوب إدارتها، وتضمن البند الحادي عشر "يعمل بهذه الترتيبات من تاريخ صدورها".
وهذا يعني أن الثقافة انفصلت عن وزارة الإعلام منذ يوم الجمعة الماضي تاريخ نشر نص قرار مجلس الوزراء بالموافقة على أن تكون شخصية اعتبارية مستقلة ماليا وإداريا، وأن ارتباطها تنظيميا برئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.
وقد حدد نظام الهيئة أهدافها بصورة جلية يمكنها من الانطلاق في عملها بقوة وثقة لتحقيق أهدافها في "تحفيز قطاع الثقافة في المملكة وتطويره، والارتقاء بجميع عناصره ومقوماته وإمكاناته، والمساهمة في رعاية المواهب الثقافية، وتعزيز التنوع الثقافي والتلاحم الاجتماعي" وهذا النص الواضح يصف بدقة الغايات التي يؤمل أن تحققها الهيئة من خلال حزمة من أساليب العمل الجديدة والتنظيمات الدقيقة ويحدد المسؤولية المباشرة عن العمل الثقافي في جهة واحدة بدل أن كان لسنين طويلة داخلا ضمن مهمات وزارات أو جهات حكومية أخرى؛ كوزارة المعارف، والرئاسة العامة لرعاية الشباب، ووزارة التعليم العالي، ويفصل حالة التشابك واختلاط أدوات العمل بين الإعلام والثقافة، وهي الحالة المتداخلة التي شتتت الجهود وشالت الكفة فيها لصالح الإعلام على حساب الثقافة؛ مما انعكس جليا على خفوت صوتنا الثقافي في الداخل والخارج وبطء حراكه؛ على الرغم من الجهد الكبير المخلص الذي بذله معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل بن زيد الطريفي بعد توليه وزارة الثقافة والإعلام؛ لإخراج الثقافة من حالة الضعف والركود؛ بسبب تداخل العمل بين القطاعين، والنقص الحاد في كوادر العمل الثقافي، وهو ميراث طويل أثقل كاهل الوزارة منذ أن ضمت الثقافة إلى الإعلام بتاريخ 1424هـ؛ فلم تستطع طوال ما يقرب من خمسة عشر عاما بقيادة أربعة وزراء متعاقبين إيجاد آليات عمل واضحة لفك الاشتباك بين الإعلامي والثقافي، وتحديد هوية كل قطاع، واستقطاب الكفاءات المميزة القادرة على إدارة وتنفيذ الخطط الثقافية.
وفي هذه المرحلة الهامة من تاريخنا الوطني المتميز بالتحدي والإصرار على تحقيق الصورة المبهرة الطموحة للوطن في رؤية 2030م والتحول الوطني لصياغة آليات عمل لتحقيق تلك الرؤية 2020م وما تحتمله قيادة الوطن من أداور شجاعة وجريئة لحماية البلاد من أخطار التغول الصفوي على حدودنا الجنوبية، وما يعانيه الجزء الشمالي والشرقي من الوطن العربي من فوضى وتخريب وتهجير ودماء؛ بسبب التدخلات الإيرانية؛ مما دعا إلى تكون ونشوء الجماعات الإرهابية، وهو ما يشكل خطرا على الأمة العربية والإسلامية والعالم أجمع؛ وليس على وطننا فحسب، وفي مرحلة خطيرة تتعرض المملكة فيها لكثير من حملات التشويه والاتهامات، وسعي منظم مخطط له من قبل الإعلام الصفوي لرسم صورة محرفة ظالمة عن المملكة في الإعلام الدولي؛ في هذه المرحلة الخطيرة لا بد أن ينهض المثقفون بأدوارهم وفق استراتيجية واضحة؛ لإبراز الصورة الحقيقية وتجلية المبادئ والقيم والثوابت التي تنطلق المملكة منها في سياساتها، وإبراز روح التسامح، وإظهار صور الإبداع الفكري والأدبي والفني في الثقافة السعودية، والتعريف بالقدرات والكفاءات العلمية المميزة، وإيصال الصوت السعودي المثقف والمبدع والمتنور إلى المنابر الأكاديمية ومراكز صناعة الرأي وإلى المحافل الإعلامية العالمية، وطباعة ونشر المؤلفات السعودية الرصينة والمميزة وتيسير وصولها إلى القارئ العربي والعالمي في المعارض الدولية وفي المكتبات وفق تنسيق عملي مع دور النشر والتوزيع.