عمر إبراهيم الرشيد
أحسب أن الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض ومن في حكمها من دوائر خدمية في كل مدن المملكة وربوعها، في غنى عن المديح أو هي بحاجة إلى النصح والنقد الصادق أكثر من الثناء، أقول ذلك ومشروعات الهيئة تشهد لها ويكفي مثال إحياء البيئة الأصلية لوادي حنيفة التي نالت على إثره جائزة آغا خان للعمارة، وحي البجيري وغيره. وحين يرد ذكر الهيئة يرد تلقائيًا اسم أمير الرياض، لذا ينطبق عليه ما ذكرته كذلك عن الهيئة، فيكفيه هذا العمل الدؤوب بشغف وإنسانية، ويقول علماء الإدارة إذا عشقت عملك أبدعت. إنما أتوجه إلى الهيئة بتساؤل آمل أن أجد له إجابة شافية وأحسب أن كل محب لهذا الوطن لديه نفس التساؤل، فقبل مدة وجيزة تم توقيع عقد لمعالجة وتصريف المياه السطحية في ثلاثة أحياء من مدينة الرياض (العارض، طويق ولبن). ومعلوم تأثير تلك المياه على أساسات المباني والطرق وغيرها، ومعلوم كذلك أنه سبق للهيئة عمل مماثل لأحياء في شمال العاصمة. التساؤل الذي أطرحه على الهيئة الموقرة هو أين هذا المشروع من الإفادة من هذه المياه السطحية لتوفير رئة خضراء لهذه الأحياء والتشجير (الحقيقي)؟. مثال واضح أسوقه وهو شارع أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، ونعلم عرض الجزيرة الوسطى للشارع كما نعلم أنه خضع كما قلت لمشروعات نزح المياه السطحية والسيول التي تغمر وسطه كل موسم، فلم لم يتم توظيف تلك المياه لزرع الأشجار في وسطه بدل هذا التصحر البيئي والنفسي. وإن كان هذا يندرج ضمن عمل الأمانة فللهيئة كلمتهم والجهات الحكومية تكاملية لا تعمل منفردة أو متنافرة وهذا ما يفترض، وكما قلت إن سمو أمير الرياض رجل يعمل بشغف ويطلب المشورة والكلمة الصادقة أكثر من المديح، فالعشم أن يولي هذه القضية متابعته المشهودة. وأعود للتذكير بأننا نشهد خللاً بيئيًا ظاهرًا لا يحتاج إلى أدلة فنحن نراه صباح مساء، فالغلبة للخرسانة والأسفلت، والتشجير اقتصر على غرز نخيل ليست الشوارع والأرصفة مكانه الملائم وإن كان فليس بهذه الرعونة، وترك أشجار ظليلة مورقة تحد من هذا الخلل البيئي المخيف الذي ترك آثاره النفسية قبل الصحية على سكان مدن المملكة وليس الرياض فحسب. خذ حائل على سبيل المثال وهي المدينة التي حازت على جائزة أنظف المدن العربية عام 1987م، اليوم تعاني بأشد ما تعانيه الرياض، ويقال هذا أيضًا عن الدمام وتبوك والأفلاج وغيرها.
على قدر العشم يكون العتب كما يقال، والجهات الحكومية تكاملية في عملها وإلقاء الملامة أو المسؤولية على طرف دون آخر لا ينفعنا أو يقدم حلولاً لمشكلاتنا، حفظ الله هذا الوطن وقيادته والله من وراء القصد.