إبراهيم عبدالله العمار
وقف الوالد أمام القاضي مدافعاً عن ابنه المُتّهم بالقيادة المخمورة، فقال: حضرة القاضي، صحيح أن كل من يقود تحت تأثير المخدرات أو الكحول يستحقون أشد العقوبات بدون استثناء، لكن ابني هذا طيب ولا يستحق هذه العقوبة.
ما رأيك في تلك الحجة؟.. إذا رأيتَ أنها سليمة فقد اقترفتَ خطأً فكرياً يسمى مغالطة الاستثناء الخاص!..
هذه المغالطة التي يجب أن تنتبه لها إذا حاورتَ أحداً، فمغالطة الاستثناء الخاص special pleading مما يستخدمه الناس بكثرة، وفيها قاعدة والشخص المغالِط يطلب استثناءً من القاعدة لسببٍ لا يتعلق منطقياً بذلك، غالباً السبب من اختراع الشخص في تلك اللحظة آملاً إنقاذ حجته، مثل شخص يحضّر الأرواح ويزعم أن عدم تجاوب الأرواح معه هو بسبب وجود المشككين في الغرفة وأن التشكيك يعطي طاقة سلبية تنفّر الأرواح، فهنا يخترع الشخص سبباً لا علاقة منطقية له من أجل إنقاذ موقفه.
من الأمثلة الطريفة لبيان سماجة هذه المغالطة إذا ما استُخدِمَت بإفراط مثال ضربه العالم كارل ساغان، فافترِض أن شخصاً زعم وجود تنين يعيش معه في قبو بيته، تسأله: أين التنين؟.. فيجيب: «إنه كائن خفي لن تراه بالعين.. لكن صدقني، هو موجود». تقترح نثر مسحوق على الأرض لترى أثر أقدامه، فيجيب: «إنه يطير ولن يترك على الأرض أثراً».. ماذا عن أجهزة قياس الحرارة التي نستطيع بها قياس أنفاسه النارية؟ «إنه ينفث ناراً عديمة الحرارة». طيب هل يمكن لمسُه؟ «لا، إنه من مادة روحية لا تُلمَس». وهكذا! كل طريقة لاختبار وجود التنين يخترع الشخص مقابلها حجة من العدم.
هذه المغالطة تشيع بين الناس عندما لا يوجد أساس قوي يستند عليه الشخص فيضع من رأسه «احتمالات»، فمن يؤكد لنا قطعياً أن هناك كائنات عاقلة تعيش على المريخ قد يُسأل: ولمَ لا نراهم؟ فيجيب: «ربما يرفضون أن يُرَون!» لماذا لم يتواصلوا معنا؟ «ربما ينفرون من البشر ويحبون العزلة!». فأين آثارهم؟ «لعلهم يخفونها أو هي تحت سطح الكوكب!». وهلمّ جراً.
طبعاً لا يمكن النفي التام لتلك الأسباب، فربما فعلاً هناك كائنات عاقلة في الفضاء الخارجي، كل شيء ممكن، لكن التركيز هنا على سلامة الحجة التي تزعم وجودهم، فهي مَعيبة منطقياً ولا تصح. وإذا كنتَ غير مقتنع بهذا فالتنين الذي يعيش معي يوافقني.