د. عبد الله المعيلي
قال تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَة يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حظًا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إلا قليلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ أن اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (سورة المائدة 13).
من يتأمل حال العالم وما يحفل به من صور الظلم الذي لا حياء فيه ولا خجل، ظلم سافر يتحدى المشاعر بعدوانه وحيفه وزيفه، ومن بجاحته وإصراره، وبكل أسى وأسف من منظمات عالمية نصبت نفسها باعتبارها ترعى الحريات، وتحمي المستضعفين، وتقف في صف المظلمين الذين لا حول لهم ولا قوة.
فلم يعد خافيًا أن صور الظلم أضحت علانية، تمارس على مرأى ومسمع من المنظمات الدولية نفسها التي أسست قوانينها ومبادئها ومواثيقها على تحقيق العدالة والسلام لكل شعوب الدنيا بغض النظر عن مذاهبهم ومعتقداتهم، لكن ما يشاهده العالم كله أن هناك مواقف لتلك المنظمات متحيزة لا تطبق على أنظمة معينة، لكونها خالفت كل المبادئ والقيم التي تعد من مسلمات تلك المنظمات، فما يسمى منظمة حقوق الإنسان على سبيل المثال في وادٍ وصور الظلم والتعدي على الحريات وسلب الحقوق والقتل والتشريد تمارس يوميًا في دول ظالمة مستبدة ضد أناس ضعاف ذنبهم أنهم يخالفون الأغلبية العظمى من سكان تلك الدول دينيًا أو قيميًا، أو لكونهم رفعوا الصوت بمنتهى السلمية. رافضين واقع حالهم الذي أهملت فيها أبسط الحقوق التي يتمتع بها كل البشر في دول العالم كلها.
وإلا كيف يفسر الصمت الذي يشبه صمت الموتى في المقابر على الجرائم التي يتعرض لها شعب «روهنجا» المسلم؟ قتل للأطفال والنساء والعجزة وكبار السن، وتشريد وحرق لكل الممتلكات، تجويع وحرمان، هتك للأعراض، استعباد واستبعاد من أراضيهم، لا يسمع لآلامهم، ولا يأبه لمطالبهم.
كيف يفسر غض الطرف عن الجرائم التي يرتكبها نظام الأسد مدعومًا بالصفوية وحزب اللات ضد الشعب السوري؟ شعب أعزل ذنبه أنه يطالب بصور العدالة والمشاركة، ذنبه أنه يطالب بحقوقه التي استأثرت بها جماعة لا قيم عندها ولا أخلاق لها، عبّروا عن طالبهم بمسيرات سلمية، لا عنف فيها ولا تجاوز للنظام، ومع ذلك تم التصدي لهم بمنتهى العنف والبغي والعدوان، استفزوا المشاعر وأثاروا موجة من الغضب والألم بعد ما قتلوا شابًا لم يتجاوز عمره الخامسة عشرة من عمره، فلما أصروا على التعبير عن مطالبهم بمظاهرات سلمية لا عنف فيها، قابلهم النظام بقسوة وشراسة لم يشهد التاريخ لها مثيلاً، هجروا الناس من بيتهم بنيران البراميل المحرمة دوليًا والقنابل الكيماوية، ساقوهم كما تساق البهائم عراة حفاة جوعى، ينامون في العراء يتعرضون للبرد القارس شتاء، وتحرقهم شمس الصيف، لا مأوى ولا طعام ولا ماء.
الصفويون، في العراق عاهدوا الشعب بأنهم سوف يديرون شؤون دولة بأنفسهم، وإذا بهم ينقضون العهد ويتولون هم حكم العراق بأسماء عراقية تدار من قم، أما الشعب فواجهوه بعصابات مجرمة تقتل وتدمر كل ما هو أخضر ويابس، وخصوصًا في المحافظات السنية، حكموا العراق بحقد منتقمين ممن سموهم قتلة الحسين.
وفي سوريا يعبثون يقتلون ويشردون، وفي لبنان فرضوا عصابة تدعى الممانعة والمقاومة، كذب وبهتان، إسرائيل تسرح وتمرح في سماء لبنان وسوريا بسلام وأمان.
أما الحوثيون في اليمن فمثال قبيح لنقض العهود، فكم من معاهدة وقعوها، وقبل أن يجف حبرها ينقلبون بكل صفاقة وقلة حياء، ينقضون ما وقعوا عليه، إنهم لا خلاق لهم.
سمة نقضه العهود، قساوة القلب، التعطش لسفك الدم، التشريد دون هودة ولا رحمة.