هناك رجال كابدوا المشقة وشظف العيش في حياتهم الأولى، وهم في مقتبل العمر، بالعمل الجاد في حرف ومهن اكتسبوها عن طريق الآباء والأجداد، أو بمهارتهم الشخصية، مثل النجارة والحدادة والزراعة والرعي وغيرها، مع تحمل المسئولية تجاه أسرهم.
ومن هؤلاء رجل الأعمال الكويتي وابن الأحساء الوفي جواد بوخمسين، واحد من أشهر العصاميين في دول الخليج العربي الذين شقوا طريقهم من حرفي بسيط في بداية حياته العملية إلى رجل أعمال عالمي.
وتميز هذا الرجل خاصة في الآونة الأخيرة بحضوره الإعلامي لإظهار قصة كفاحه العملية كنموذج يحتذى به لتحفيز الشباب على الجد والاجتهاد، وإن كان في عمل حرفي بسيط.
والمتتبع لحياة رجل الأعمال جواد بوخمسين، يجد أنه جمع بين الجد والتواضع وبعد النظر في إدارة أعماله، مع اهتمامه بالقضايا التي تخدم المجتمع، ببذل جهود تنم على حس وطني مرهف ومرتفع لبلده ومجتمعه الخليجي بجميع أطيافه المختلفة.
ونظراً لمكانته وسجاياه الحميدة، فقد حظي بتقدير واحترام المجتمع وولاة الأمر في دول الخليج العربي، ويرى أن المملكة العربية السعودية هي صمام الأمان والبعد الاستراتيجي -بعد حفظ الله- لدول مجلس التعاون الخليجي.
وقد تحدث عن نفسه في الفترة الأخيرة من خلال بعض البرامج الفضائية، بأنه بدأ حياته المهنية في صناعة (البشوت) في سوق المباركية بالكويت، وعمره لم يتجاوز 15 سنة.
وخلال فترة الطفرة العمرانية التي شهدتها دولة الكويت، تحول إلى قطاع العقارات والمقاولات وكان عمره آنذاك 25 عاماً. وفي عام 1973م أسس مجموعة الشركة العالمية للمقاولات التي نفذت بعض المشروعات الحكومية والفنادق، ولمع اسمه في هذه الفترة وتنوعت نشاطاته التجارية، ونمت شركاته حتى أصبح عددها 360 شركة تعمل في أكثر من 13 قطاعا تجاريا واستثماريا، كالمقاولات والفنادق والتصنيع والتأمين والعمليات المصرفية والإعلام والنقل والسياحة والخدمات الطبية، وتمتلك المجموعة نحو 49 في المائة من أسهم بنك الكويت الدولي. ويبيّن أبو عماد أن من أسرار نجاحاته التجارية بعد توفيق الله سبحانه وتعالى، هو تطبيق نظام الحوكمة في إدارة شركاته المتعددة. وعلى الرغم من تعقيدات وتطور نمط الإدارة الحديثة، فإنه يطبق في حياته الإدارية المفاهيم التي اكتسبها من تراث بلده وأجداده، حيث تنحدر أسرته من قبيلة الدواسر في الخماسين، ومن تلك المفاهيم التي يرددها، المثل الشعبي الكويتي الذي يقول (عينك على حلالك دواء). وتقدر أصول مجموعة شركات بوخمسين بأكثر من 7 مليارات دولار أمريكي، وتحتل المركز الثاني بعد مجموعة الخرافي في قائمة أغنى أغنياء دولة الكويت. ولحنكته وخبرته الاقتصادية الواسعة، تم الاستعانة به في حل قضية أزمة سوق المناخ بالكويت، الذي كان يحذر من مخاطرها وأضرارها الاقتصادية والاجتماعية قبل وقوعها. كما ساهم في إنشاء صندوق لدعم المشروعات الصغيرة للشباب، ودعم البرامج التي توفر فرص العمل للعاطلين منهم، وامتد تواصله الاجتماعي ليشمل أفراد عائلته المنتشرين في دول الخليج العربي، خاصة مجتمعه وأهله في الأحساء بالمملكة العربية السعودية. وخلاصة القول، ينبغي على وسائل الإعلام والجهات المعنية بتشغيل الشباب تسليط الضوء على نماذج من رجال لهم تجارب عملية ناجحة شقوا طريقهم من خلالها نحو النجاح، مثل تجربة بوخمسين، لإبرازها بين أوساط الشباب الخليجي، خاصة عند أولئك الشباب العاطلين عن العمل أو من أصيب منهم بالإحباط النفسي لرفع الهمة نحو تحقيق آمالهم وأحلامهم في وظائف أو مهن حرفية تحفظ كرامتهم. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، يُفترض أن أعداد الخريجين من مراكز التدريب المهني المنتشرة في مناطق المملكة خلال الثلاثين عاماً الماضية، يعد عدداً كافياً لسد احتياجات الوطن من الميكانيكيين والسباكين والكهربائيين وغيرهم من الحرفيين السعوديين، فأين هم الن في سوق العمل؟
وللدولة مشروعات عمرانية في جميع مدن وقرى المملكة، من مدارس وطرق ومستشفيات وغيرها، وكذلك للقطاع الخاص والأفراد مشروعاتهم، فأين الحرفيون السعوديون من كهربائيين وسباكين ونجارين من هذه المشروعات؟
عامر بن ناصر المطير - جامعة الملك سعود