علي الخزيم
مبادرات وإنجازات بجمال ونكهة الفراولة، فقد شهدت منتجعات (الغزال) بمحافظة البكيرية أخيراً حقيقة كانت حلماً لأهالي المدينة الصحية الأولى بالمملكة، تلكم هي الاحتفالية الاجتماعية السياحية الزراعية الاقتصادية (الأولى من نوعها) بزراعة وإنتاج فاكهة الفراولة المحببة، ويقف صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود أمير منطقة القصيم داعماً للمبادرات الاقتصادية والسياحية وغيرها من المشروعات الناجحة بالمنطقة، قال سموه: (إن فاكهة الفراولة كانت حلماً بأن تزرع بمنطقة القصيم حتى تحقق ذلك وأصبح واقعاً ملموساً، وبالتأكيد فإن الوصول للقمة سهل، لكن المواصلة عليها يُعد تحدياً)! وقد اشتهرت القصيم منذ القدم بنشاط أهاليها التجاري والاقتصادي، وللتذكير فإن حملات (العقيلات) التجارية ما هي إلا أنموذج حي لما دأب عليه رجالات القصيم من حبهم للعمل وفنون التجارة والزراعة، ومشروع الفراولة امتداد لتلك الأنشطة التي يبدع بها سكان القصيم، ويفاجئون المجتمع بنوادر مشروعاتهم المدروسة بعناية حينما كان بعض يعدها ضرباً من الخيالات، كمشروع الأسماك الناجح بالقصيم وتصديرها للخارج، واستنبات الكمأة (الفقع) الموسمي، وهذا وذاك وغيرهما من النجاحات تحدثت عنها مراكز متخصصة ووكالات ومحطات إعلامية وغطتها بالصوت والصورة، ونجاحات الفراولة نالت نصيباً من الإشادة والإعجاب من وسائل إعلام أجنبية عدة.
لا زلت اعترض على تسمية هذه الفعالية والاحتفالية ونحوها بـ(المهرجان) فهي كلمة ترمز لعيد فارسي؛ ولغتنا العربية غنية بمعانيها ومدلولاتها فيمكن استبدالها بكلمة عربية ذات بلاغات دلالية أصيلة، يقول المهندس حمد اللحيدان مدير المنتجع: إن منتجع الغزال وحديقة الفراولة بالبكيرية إحدى المبادرات السياحية الزراعية الريفية، لتوظيفها لخدمة المجتمع وإثراء التجربة السياحية المحلية وإيجاد عناصر للترفيه والمتعة والتعليم للسائح بالمزارع، ولتمكين المزارعين من تطوير برامج ومنتجات وأنشطة سياحية بمزارعهم.
ومن المتابعة يلفت الانتباه اهتمام كافة القطاعات بالقصيم بهذه الفعالية من سياحة وتعليم ورياضة ورجال أعمال وغيرهم، إذ يشعر كل طرف أن الاحتفالية تخصه ويجب أن تنجح، وهذا من أسرار تميز المنطقة في كافة مشروعاتها الحضارية الحيوية، وهذا ديدن أبناء القصيم كافة منذ القدم، ففي رحلات التجارة عبر البلدان كانت جماعات (العقيلات) تحتاج لرحلاتها الطويلة على الخيول والجمال إلى وجبات من الطعام لا تتعرض للفساد مع الوقت فابتكروا (قرص عقيل، الكليجا، والفتيت) وأخواتها ومشتقاتها، ولم ينسوها مع الزمن، فهذه فعاليات الكليجا تقام كل عام إلى جانب أكبر سوق للتمور بالعالم، وللعلم فإن ارتباط أهالي القصيم برحلات التجارة على ظهور الجمال، كرَّست عندهم المحبة والوفاء لسفينة الصحراء التي أعانتهم في أيام كانت الإبل هي الوسيلة الأنجع لنقل بضائعهم، فكان أن أقاموا أكبر سوق لتجارة الإبل بالشرق الأوسط ويقع تحديداً بمدينة بريدة.
ومن نافلة القول الحديث عن اهتمام أهل القصيم منذ القدم بالغذاء؛ ويستدل عليه بحرصهم على اقتناء الإبقار بأحواش منازلهم لما فيها من خيرات الألبان ومشتقاتها المتعددة التي تعد من أساسيات الغذاء الصحي إلى جانب التمور التي تزخر بها المنطقة بأصناف عالية الجودة والمذاق، وقد أثبت عدد من الرحالة هذا التميز القصيمي بمدوناتهم.