قتل الخطأ: أن يفعل ما له فعله فيُخطيء فيتسبب بخطئه في قتل معصوم.
فإذا كانت نسبت الخطأ كافيه في إزهاق روحه، فلوثة المقتول الدية كاملة، وإذا كانت نسبة الخطأ غير كافية في إزهاق روحه، فلوثته من الدية بمقدار نسبة ذلك الخطأ فقط، ويكفي في ذلك التقريب بغلبة الظن إذا تعذر اليقين.
فإذا فعل الإنسان ما له فعله فتسبب في قتل معصوم، ولم يكن عليه نسبة خطأ فلا ضمان عليه ولا على عاقلته عليه شيء، لأن كل من لم يترك ما وجب، ولم يفعل ما لا يجوز فلا ضمان عليه.
وعلى هذا فإن، حوادث السيارات ينطبق عليها هذا الحكم، فإذا كان السائق معه آخر فمات من معه ولم يترك السائق ما وجب كتغيير الكفرات الآئلة إلى الانفجار عند السير عليها، ولم يفعل ما يحرم من السرعة التي تعتبر في العرف تهوراً، فالتطمت بالرصيف من غير تعدٍ ولا تفريط منه وانقلبت السيارة فمات من معه فلا ضمان عليه، ولا على عاقلته ولا كفارة.
أما من فعل ما لا يجوز، أو ترك ما وجب، فتسبب بذلك في قتل معصوم، فقد قتل ذلك المعصوم خطأ، فيجب عليه ما يترتب على قتل النفس خطأ - وقد سبق بيان ما يترتب على القتل بأنواعه، العمد، وشبه العمد، والخطأ -.
وعاقلة الرجل: هم قرابته الرجال - حرج النساء ولو كن موظفات - البالغون - خرج الأطفال - أولي اليسار - خرج الفقراء - فالنساء والأطفال الذين لم يبلغوا الحلم، والفقراء لا دخل لهم في العقل.
وأدنى القرابة هم الذين يجتمعون معه في الجد الثاني، - وقد سبق بيان الفرق بين القرابة والرحم، فكل قرابة رحم، وليس كل رحم قرابة -، وهؤلاء العاقلة لا يجب عليهم دفع ضمان الجناية من الجاني إلا في الخطأ من الجناية أو شبه العمد، وذلك فيما إذا كانت الجناية في النفس، أو أعضاء البدن - كقطع الإذن - أو منفعة عضو البدن - كالتسبب في فقد السمع أو البصر، أو جروح البدن - كالموضحة والهاشمة ونحوهما -.
وأما ضمان جنايته في العمد، فلا تجب على العاقلة وإنما تضمن في ماله، وكذا جنايته خطأ أو شبه عمد في غي الأربعة السابقة فلا تجب، كما لو أخطأ فتسبب في إتلاف سيارة الغير فلا تجب على العاقلة، وإنما يستحب لهم إعانته.
والجناية هاهنا: ما توجب قصاصاً أو مالاً.
وشبه العمد في القتل: أن يضرب الجاني المجني عليه بما لا يقتل غالباً. فإذا ترددت الآلة بينهما فالأصل عصمة دم المسلم مع يمينه أنه لم يصد قتله.
والعمد في القتل: أن يضرب الجاني المجني عليه بما يقتل غالباً ظلماً وعدواناً وحقوق المخلوقين لا تسقط بالجهل والنسيان والخطأ.
فمن أتلف سيارة إنسان عمداً أو خطأً أو نسياناً أو جهلاً، وجب عليه ضمانها - وهو الفرق بين قيمتها صحيحة ومعيبة لا فرق بين موديل وموديل _ إلا أن يعفو صاحب الحق فأجره على الله، والضمان في مال الجاني ولا تكون واجبة على العاقلة إلا في الأربعة السابقة - النفس، وأعضاء البدن، ومنافع الأعضاء، وجروح البدن - في شبه العمد والخطأ فقط.
والله تعالى أعلم.
د. محمد بن سعد العصيمي - كلية الشريعة - جامعة أم القرى - مكة المكرمة