خالد بن حمد المالك
زيارة الملك سلمان للمرة الثالثة للصين تقودنا إلى العودة إلى زيارتيه السابقتين، وإلى زيارة الملك عبد الله الوحيدة للصين أيضاً، وكذلك زيارة الأمير سلطان لها، وتذكرنا بزيارات مماثلة للرئيس الصيني وغيره من المسؤولين الصينيين للمملكة، وبأن المملكة والصين كانتا منذ بدء العلاقات الدبلوماسية عام 1990م تخطوان بسرعة نحو التعاون والشراكات، وتبادل المصالح، بما يوحي بأن هناك توافقاً مبكراً لدى قيادتي البلدين حول الرؤية المستقبلية التي ينبغي أن تبنى عليها العلاقات.
**
الملك سلمان يزور الصين هذه المرة كملك يملك كل الصلاحيات، وليس كأمير لمنطقة الرياض أو ولي للعهد، ويعود إلى بكين حاملاً في ملفاته رؤية المملكة 2030 التي تفتح الطريق أمام هذه القوة الاقتصادية الضاربة للاستثمار في المملكة، والمشاركة في مشروعاتها المستقبلية الكثيرة، فالرؤية بمضامينها تلبي رغبة الصين للاستثمار في بيئة اقتصادية صحية، فيها من الضمانات ما يشجع كل الدول للدخول في سباق للاستثمار فيها.
**
على أن التأسيس لعلاقات ثنائية متميزة بين الرياض وبكين بدأ مبكراً، وتحديداً منذ ربع قرن، لكنه تعزز أكثر بزيارة الملك عبد الله وهو ولي للعهد عام 1998م، ثم الملك سلمان في عام 1999م وكان حينها أميراً لمنطقة الرياض، ثم الأمير سلطان وهو ولي للعهد عام 2000م، ثم الملك عبد الله في العام 2006م وهو ملك، فالملك سلمان حين كان ولياً للعهد عام 2014م، وها هو يعود إليها وهو ملك، وفي الزيارات السابقة تم التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم في الاستثمار، والتعاون في علوم وتقنية الفضاء، وبرنامج التعاون الفني في المجال التجاري، ومذكرات تفاهم بشأن مساهمة الصندوق السعودي للتنمية، واتفاقيات أخرى خاصة بالتعاون الاقتصادي والثقافي والعلمي المشترك، وكذلك في مجال النفط.
**
وكان عام 2008م قد شهد الإعلان عن إقامة علاقات الصداقة الإستراتيجية بين البلدين، وتطويرها بين الشعبين الصديقين، وتعزيز التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والإنسانية والعسكرية والأمنية، وأن البلدين أصبح كل منهما شريكاً للآخر على الساحة الدولية، ملتزمين بمبدأ المنفعة الواحدة، والكسب المشترك، وتفعيل دور اللجنة السعودية - الصينية المشتركة للتعاون في كل المجالات، وترحيبهما بالتشاور في إطار التعاون في بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري في القرن الحالي.
**
الرئيس الصيني زار المملكة عام 2016م وقبلها في عام 2006م ضمن التواصل على أعلى المستويات لتفعيل التعاون بين الدولتين، وقبله زارها عدد من رؤساء الوزارات والوزراء، وكان من نتائجها تطابق وجهات النظر سياسياً وأمنياً، والاتفاق على عدد من المبادرات، والتوقيع على عدد من الاتفاقيات، وبحث الفرص الجديدة للتعاون استثمارياً وتجارياً واقتصادياً، فالمملكة بحسب تصريح سابق لوزير التجارة الصيني قاوهو تشنغ هي الشريك الرئيس للصين في الشرق الأوسط ودول الخليج.
**
الموقف الصيني من الوضع في الشرق الأوسط كان واضحاً فيما نصت عليه البيانات المشتركة التي تعلن بعد كل زيارة هنا أو هناك، فتحقيق السلام الشامل والعادل في الشرق الأوسط يكون وفقاً لمبادرة السلام العربية، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه في إقامة دولة فلسطينية مستقلة وموحدة، ذات سيادة كاملة، وعاصمتها القدس الشرقية.
**
وفي كل زيارة أكد الجانب الصيني توافقه مع سياسة المملكة بإيجاد تسوية سياسية سلمية عاجلة للمسألة السورية، والتطبيق الكامل لبيان جنيف الأول، والبيانات الأخرى في فيينا، وقرارات مجلس الأمن، كما تطابقت وجهات نظر الصين مع المملكة بالنسبة لليمن، وأن موقفها ثابت من وحدة اليمن واستقلاله وسيادته، ودعم الشرعية في اليمن، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والمبادرة الخليجية المتعلقة باليمن.
يتبع......