فيصل خالد الخديدي
بينية علاقة التشكيلي مع محيطه حتمية تبادلية الاتجاه متنوعة التوجه تنظمها العديد من الاعتبارات والأطر الظاهرة والضمنية وتحكمها حسن إدارة التشكيلي لذاته وقدرته على صياغته لأهدافه وذكائه في تحقيقها وفق ما حوله من معطيات وخلق ما يناسبه من فرص وتجاوز ما يصادفه من تحديات وعقبات دون أن يفقد شيئا من رسالته وشخصيته أو يقدم تنازلات أمام ما يطرأ عليه من مغريات استهلاكية على حساب ذاته الفنية أو قيمه وإنسانيته.
يواجه التشكيلي بمسيرته اليومية في عالمه الفني شيئا من محفز، وكثيراً من محبط، ومتى ما تجاوز المحبط وتعامل مع المحفز متى ما أصبح أكثر نجاحاً وقيادة لفنه وفارضاً لإبداعه ومن تعاملاته مع ما يلوح له من فرص أو يهيأ له من خيارات يكون الفن عنوانه أو لا يكون, ووسط هذه التعاملات الحتمية على التشكيلي مع مجتمعه ومحيطه تبرز بعض الجهات الرسمية والخاصة التي تعنى بالفن وتسويقه وخصوصاً مع تحول بوصلة سوق الفن عالمياً إلى الشرق الأوسط بأكثر نسب مبيعات في سوق الفن عالمياً لصالح سوق الشرق الأوسط الفنية وهو ما أفرز العديد من المؤسسات والمجالس والجمعيات والهيئات المهتمة والتي بدأت الاهتمام بالفن والفنان محلياً وتسويقه عالمياً من خلال فعاليات ومناسبات ومعارض ورعايات فنية في حرص منهم أن تكون كلاً منها منصة الفن الوحيدة التي تقدم الفن والفنان الذي تريد وفق توجهات السوق وأجندات ربما تتقاطع مع الفن أو تتجاوزه متعدية دورها كميسرة للفن والفنان وإظهار إبداعه إلى دور جديد في تسيير الفن وفق معطيات سوق المال وما تفرضه رؤاهم المعلنة والخفية لتصنع فناً وفنانا وفق مواصفاتهم التي تتوافق مع التوجه ومتطلبات السوق, وما خالف ذلك لن يكون من ضمن منظومتهم الفنية التي تحظى بالرعاية بل بالتهميش والإقصاء.
إن المنصة الحقيقية التي لا غنى للتشكيلي عنها هي المنصة التي تحترم كينونته الفنية وتكون ميسرة له ومبرزة لفنه وداعمة لوجوده دون إملاءات ولا فرض وصاية ولا تعطيل وتهميش وتسيير لما تراه وليس لما يراه التشكيلي في فنه وإبداعه، ويسمو به بعيداً عن كل تدخل يجعل منه أداة منفذة لفكر الغير وسلعة في سوق يقبل بيع كل شيء حتى الإنسان وقيمه.