جاسر عبدالعزيز الجاسر
تشهد المملكة العربية السعودية العديد من المشروعات الاستثمارية إذ لا يمر يوم إلا وتطالعنا الصحف ومحطات التلفزيون الرسمية والخاصة «العربية والحدث» وغيرها عن افتتاح وقبلها تدشين العديد من المشروعات.. وفي المقابل أيضاً نصدم بأخبار تفشي البطالة بين الشباب، وبالذات بين خريجي الجامعات الذين انضموا إليهم آلاف المبتعثين الذين عادوا للوطن لينضموا إلى جيش البطالة، فيما يتواصل توافد العمالة القادمة من شتى البلدان والتي تصل في العام الواحد إلى أكثر من مليون تأشيرة استقدام.
مثلث ومعادلة أضلاعه فتح الاستقدام المبالغ به وكثرة إنشاء المشروعات، مع تزايد أعداد البطالة يؤكد عشوائية التخطيط وأن بلادنا مرتعاً للأجانب على حساب المواطن. في جميع البلدان تشترط الجهات المسؤولة على أي مستثمر محلي أو أجنبي يقيم مصنعاً أو يفتتح مؤسسة أو شركة أن يوظف عدداً من المواطنين لا يقلوا عن ربع الطاقة العاملة في تلك المنشأة، يحصل هذا في الدول المتقدمة كالمملكة المتحدة «بريطانيا» والدول النامية كمصر ويغرها من الدول الآسيوية والإفريقية، إلا في بلادنا، وعندما اشترطت وزارة العمل وضع نسبة لتشغيل المواطنين ضمن ما أطلقت عليه مصطلح «نطاقات» اعترض العديد من أصحاب الشركات والمؤسسات الذين يكسبون الملايين ويبخلون على الوطن بتوفير فرص عمل للمواطنين.
والآن وبعد إطلاق برنامج التحول الوطني 2020 والرؤية السعودية لـ»2030» تتجه المملكة العربية السعودية إلى تنويع الاستثمار وفتح جميع مجالاته وهو ما يجب أن يرافقه تطوير وتعديل لكثير من الأنظمة وبالذات نظام الاستثمار الذي يجب أن يتضمن نسباً لتشغيل المواطنين وإعطاء ميزة تفضيلية للمستثمر الذي يوفر فرص عمل للمواطنين أكثر من غيره.
وكنت قد استغربت كثيراً رد أحد محافظي الاستثمار السابقين، قوله بأنهم غير مسؤولين ولا مطالبين بإيجاد فرص للمواطنين، بل جذب الاستثمارات للبلاد!!.. يومها تساءلت ما أهمية الاستثمار إذ لم يوفر فرص عمل للمواطنين؟.. وماذا يجنيه الوطن من قدوم مستثمر أجنبي يقيم مطاعم للرز البخاري، والفلافل، ويحصل على تأشيرات استقدام يحضر من خلاله أبناء جلدته وأقاربه وجمعيهم يتعلمون المهنة على «ظهور السعوديين» وبعد أن يجمع الملايين يحول تلك الأموال لبلاده..؟.
ما هي الاستثمارات المجدية التي أقيمت في البلاد؟.. وهل أسهمت في تقدم البلاد أم عملت على تكديس العمالة الأجنبية والتي معظمها زائدة وفائضة وبعضها يزاحم المواطنين وبالذات من الشباب خريجي الجامعات والمبتعثين الذين عادوا من الخارج بعد أن قضوا سنين طوالاً أقلها أربع سنوات ليجدوا وافداً يزاحمه ويأخذ وظيفته لأنه بكل بساطة يقبل بنصف مرتبه.
إضافة إلى نظام الاستثمار تحتاج أنظمة أخرى للتعديل والتطوير والمراجعة ومنها أنظمة العمل والاستقدام إذ لا يعقل أن يستمر باب الاستقدام مفتوحاً وتصدر أكثر من مليون تأشيرة عمل لوظائف وخبرات متوفرة لدى الشباب السعوديين الذين يفقدون فرص عملهم لصالح ما يتم استقدامه من خارج الوطن.
كما أن على وزارة العمل أن توجد معادلة تفرض توظيف نسب ملزمة وحقيقة صادقة للمواطنين مقابل نسبة تتناقص سنوياً لما يتاح من وظائف للوافدين. عمل مطلوب وملح لأنه كلما زادت نسب البطالة وتفاقمت الصعاب أمام شباب الوطن فإنهم سيكونون عرضة للانحراف وتوظيفهم للإضرار به؛ وهناك جهات عديدة تنتظر مثل هذه الظروف.