عبدالوهاب الفايز
بدعوة من أرامكو، وبصحبة عدد من الزملاء.. سعدت الأسبوع الماضي بزيارة مصفاة وميناء جازان. مشروع المصفاة (بطاقة 400 ألف برميل يوميا)، والمشاريع الكبرى الأخرى في مدينة جازان الاقتصادية يتوقع أن تقود القاعدة الصناعية لمشروع أكبر ترعاه الدولة في المنطقة الجنوبية، والذي يدعم توجه الدولة لتعزيز التنمية في منطقة جاران هو تحويل ادارة المدينة الصناعية إلى الهيئة الملكية للجبيل وينبع.
الملك عبدالله يرحمه الله أراد هذا المشروع منطلق خطة شاملة لدفع عجلة التنمية الاقتصادية المستدامة في هذه المنطقة، وأهلنا في جازان مازالوا يتذكرون تلك الزيارة التاريخية للملك الراحل الذي حولها الى رحلة عمل جمع فيها قيادات الدولة ليؤكد لأهل جازان ان إرادة الدولة تتعامل مع الواقع بما يستحقه من إنجازات حقيقية ينعكس خيرها عليهم، وعلى الاجيال القادمة.
القائمون على مشاريع أرامكو من القيادات الوطنية، التي نمت وترعرعت في ظل الشركة العملاقة، يضعون كل جهدهم وخبرتهم التي كسبوها في بناء المشاريع العملاقة لكي تنتهي المشاريع الحالية كما هو مقرر لها العام القادم. ويتوقعون أن توجد هذه المشاريع فرص عمل مباشرة للمواطنين يمكن أن يصل عددها على مدى 15 عامًا إلى أكثر من 70 ألف فرصة جديدة، مع اكتمال خطة تنمية المدينة الصناعية بما سوف تحويه من الصناعات المتوسطة والخفيفة وشركات الخدمات المرتبطة بها.
مشروع جازان الحالي يشمل، إضافة للمصفاة، (إنشاء أكبر محطة كهرباء في العالم تعمل بتقنيتي تحويل السوائل إلى غاز والدورة المركبة للوقود)، وبفضل خبرة أرامكو التي اكتسبتها في الابحاث والتطوير، سوف يتم الاستفادة (من إنتاج المصفاة من الرجيع الفراغي لتوليد 4 آلاف ميغاواط من الكهرباء بطريقة تتسم بالكفاءة، وهو ما يكفي لتغذية المصفاة وتوفير الكهرباء للمستثمرين في مدينة جازان الاقتصادية.)
الأمر المهم الذي استمعنا إليه من قيادات ارامكو هو تبنيهم لخطة عمل تجعل من المشاريع القائمة آلية فعالة لتنمية المنطقة، فحجم المشاريع كبير جدا، وسوف يحدث نقلة في مستوى التعليم والعمل، ويتوقع أن يحدث في المنطقة ما سبق أن أحدثته مشاريع أرامكو في المنطقة الشرقية قبل خمسين عاما. وقد بدأت ارامكو منذ عامين تهيئة البيئة لجذب الاستثمارات الى المنطقة، وبدأت جهودها في إطلاق (منتدى جازان الاقتصادي الاول) في فبراير من العام 2015، الذي جمع عشرات المسؤولين والخبراء، وكان حينئذ لافتا للانتباه ووضع جازان على خارطة استقطاب المنتديات المتخصصة المهمة.
وإحداث هذا التأثير الايجابي يتطلب خطة عمل موحدة ومتناغمة من جميع القطاعات لاستكمال مشاريع البنية الاساسية، وتطوير الخدمات وتهيئة الفرصة لجذب الاستثمارات الخاصة للمنطقة. الامر الايجابي ان أمير المنطقة محمد بن ناصر كان مدركا وداعما للأثر المتعدّي الايجابي لهذه النقلة في التنمية، ويضع ثقله ووقته لانجاح هذه المشاريع العملاقة عبر حفز وتوجيه مشاريع المنطقة وبرامجها، وأيضا حفز جهود الأهالي لكي تستعد للاستفادة منها.
مما يثني علية ويقدره قيادات ارامكو هو استجابة جامعة جازان لمتطلبات هذا المشروع وعملها على اعادة دراسة مناهجها ورفع جودة تعليمها حتى توجد الخريجين الذين يرتقون بمهاراتهم وتعليمهم للتعامل مع المشاريع الحساسية والدقيقة، مثل المصفاة ومحطة الكهرباء.
ايضا أرامكو لديها المئات من خريجي الجامعة، استقطبتهم وأخضعتهم لتدريب مكثف باللغة الانجليزية، ثم وزعتهم على مشاريعا في المملكة حتى يتحصلوا على المهارات الاساسية ويكتسبوا (ثقافة العمل) لدى ارامكو. وسيكون هؤلاء منطلق المشاريع في المنطقة العام القادم.
وفي إطار المشاريع التنموية المصاحبة، أيضا اهتمت أرامكو بدعم زراعة البن، وصيد الأسماك، وايضا تعمل على تنمية شواطئ محافظة بيش، وقريبا ينتهي إنشاءات كورنيش متكامل الخدمات للأهالي، كما لديها برنامج منظم لدعوة الطلاب في الثانوية لزيارة مرافقها، حتى ترتفع تطلعاتهم الى العمل في المشاريع العملاقة، مثل مشاريع ارامكو.
هناك ثمة مشروع عمل كبير يجري الان وآثاره للاجيال القادمة. المهندس سليمان البرقان، المدير العام لقطاع المصافي المحلية في ارامكو، والذي صحب الوفد في جولة ميدانية على مشروع المصفاة.. يقول متذكرًا: ( هذه المشاريع العملاقة في جازان تعيدني الان إلى ذكريات الشباب عندما كنا في المنطقة الشرقية تتسابق احلامنا وطموحاتنا لنكون جزءا من عالم ارامكو، أنا أتوقع شبابنا في جازان يعيشون نفس التطلعات.) أجزم أن المهندس البرقان على حق، فنحن أيضا، وليس شباب المنطقة الجنوبية، نتطلع الى الكثير من ثمار المشاريع التي تؤسس للمستقبل.
ما أجمل أن نعيش المستقبل، وما أجمل أن ننشغل بالبناء، ونرى أحلامنا الكبرى تتجدد.