أمل بنت فهد
الضعف حكاية التردد والتنازل والتغافل خوفاً من شيء ما.. أو خوفاً من الفقد.. أو خوفاً على شيء.. إنه محصور في الخوف.. الضعف لا يحضر وحده.. يأتي بمعية الخوف من فقْد لذة.. أو الخوف من التعرض للألم.. بينهما قصة العجز الخفية التي يعرفها من أرخى للذل هامته.. يعاني منها من لا يعرف الطريق.. ولا يدرك خفايا الأمور.. بل أحياناً يجهل بديهيات التعاطي مع قوة الآخر وسلطانه.. سواءً كان هذا الآخر فرداً قريباً أو غريباً.. جهة ما.. جماعة ما.
أتدري ماذا يحدث لك حين تجهل المعلومة.. حين تجهل حقوقك.. حين لا تدرك قيمتك.. حين تظن أن حقك منّة يمنحها لك الآخر.. في حين أنها حقك المكتسب من كونك إنساناً.. كونك مواطناً.. كونك موظفاً.. كونك فرداً!
يحدث حينها أن تكون ضعيفاً.. مغترباً في وطنك ومصدر قوتك.. تفقد نفسك حرفياً.. لأن الذل لن يفارقك.. وإن ألبسته عباءة التضحية.. أو توّجته تاج الصبر والتصبُّر.. أو جمَّلته بألف حيلة.. فإنه ضعف ولا شيء غيره.. خوف مستتر خلف اعتقاد قلة الحيلة.. وخلف فكرة العيش على طريقة الآباء والأمهات وإن كانت حياتهم مشبعة بالجهل والحاجة والمجاملات.. وضرب مليون حساب للناس على حساب الذات والأسرة.. فإن البعض لا يخرج عن مدرسة الأجداد.. بل يعتقد جازماً بأن ما حدث في حياتهم سنَّة كونية لا يسعه تغييرها.. ومستعد لتكرار تجاربهم عن طيب «جهل» وليس طيب خاطر.
ولأنك لست نسخة مكررة من والديك.. أنت لست نسخة.. أنت أمر جلل.. أنت أمر جديد.. مشروع كوني قائم بذاته.. بداية أنت ولست امتداداً.. والسؤال الذي يعرض نفسه.. هل تمشي على خطوات من كان قبلك مقتنعاً بالمجد الذي حققه.. أم أنه طريق رأيته أمامك وفيه مشيت؟
هل تعرف لماذا تكرر حياة إنسان قبلك؟ هل تدرك أنك تعيش بعقل ليس عقلك! وتجارب ليست تجاربك! ما مدى اختلاف حياتك عن حياة جدك؟ لا أقصد التطور الذي حدث حولك.. بل ما هو التطور الذي حدث في داخلك؟
المحبة والاحترام والتقدير.. أمور تختلف تماماً عن الاستقلال في التفكير.. ولا تتعارض معه.. بل هي داعمة لفكرة الاستقلالية.. لأنك إن فعلت أمراً بدافع العناد.. أو الكراهية.. أو الانتقام.. فأنت لم تعش من أجل نفسك.. بل من أجل الآخر أيضاً.. لا فرق بينك وبين من عاش وهو نسخة من جده.. لأن الدافع في الحالتين بعيد عن التفرُّد.
بقدر اختلاف البصمات التي تحملها الأنامل.. نحن مختلفون فيما بيننا.. وإن مضت حياتك وأنت تقلد.. فقد مضيت بعد أن فقدت نفسك.. لا الحياة حياتك.. ولا الرغبات رغباتك.. بل أنت تعيش في إطار قد يكون عمره ألف سنة.