أحمد المغلوث
كنت في مرحلة مراهقتي مفتوناً بالرسام الأمريكي نورمل ركول من خلال مشاهدتي للوحاته وصوره وهو يدخن (الغليون) وحتى السيجار الكوبي، كذلك مشاهدتي لبيكاسو وهو يدخن. وبسذاجة تلك الفترة تصورت أن التدخين سوف يساعد على تفعيل أفكاري خلال الرسم ويمنحني إلهاماً خاصاً، وكانت غرفة الرسم في بيت والدي - رحمه الله - والذي كان عبارة عن أربعة بيوت كانت ملكاً لأسر تخصصت في حياكة أقمشة (المشالح) والعبي وأبقى غرفة واحدة من هذه البيوت الطينية لتميزها والحق إنها كانت رائعة بسقفها المسقوف بخشب الكندل وشرائح من خشب البامبو ونوافذها الأربعة العلوية الملونة، فقرر والدي عدم هدمها لتميزها وجمالها وجعلها غرفتي ومرسمي؟! ويوماً ما اشتريت علبة دخان، وفي ليلة شتائية باردة أشعلت سيجارة وأنا أرسم لوحة سريالية رمزية وكنت أيامها لا أملك حاملاً للرسم، وكنت أسند اللوحة على المكتب الخشبي الذي كنت أذاكر عليه. وإلى جواري كانت علبة بودرة حليب فارغة كنت أضع فيها كمية من الكيروسين لغسل الفرش، وبسوء تقدير كنت أضع السيجارة بعدما آخذ نفساً منها بجوار علبة الكيروسن. واحتجت لتغيير الفرشاة بأخرى وسحبتها من العلبة وكانت مشبعة بالكيروسين، وإذا برذاذ من الكيروسين يسقط على السيجارة وفجأة اشتعلت النيران، وبفضل الله كانت إلى جواري بطانية كنت أتدثر بها في بعض الأحيان عندما يشتد البرد فبسرعة ألقيتها على النار المشتعلة فخمدت.. وقررت لحظتها أن لا أدخن أبدا. أبداً. وحمدت الله على نجاتي من الحريق؟! وعلى الإمعان في الهروب من التدخين منذ لك الحين. وخلال سنوات عملي الحكومي شاركت في فعاليات مكافحة التدخين وتحدثت في بعض الندوات في أسابيع الصحة التي كانت نشطة في الماضي عن مضار التدخين اللعين.؟! وكم هو جميل أن تسعى العديد من أجهزة الدولة في برامج مكافحة التدخين والمخدرات. ولقد حصل العديد من كبار المسؤولين في مختلف القطاعات على ميداليات وشهادات تقدير، وذلك تقديراً وإكباراً لجهودهم في برامج مكافحة التدخين إلخ..؟! وكم أتمنى أنا وغيري أن تستمر جهود مكافحة التدخين ليل نهار وبدون توقف، فلقد بلغ السيل الزبى، فكم من مواطن رحل إلى رحمة الله بسبب إدمانه على التدخين وحتى المخدرات، وكم أتمنى أن تجد جهود مكافحة هذه الآفة المضرة تجاوباً ملموساً وصادقاً يبلغ مرحلة إيجابية تامة تسهم في التقليل من إعداد المدخنين الذين باتوا يتكاثرون مثل الفيروسات رغم المكفحة والتحذيرات بما يسببه التدخين من مضار لا حدود لها..؟! ويا ليت أن تجد من مختلف فئات المدخنين الصغار والكبار تجاوباً ملموساً وصادقاً من أجل صحة أفضل، وماذا بعد أن الله سبحانه وتعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.؟! وأمام التحديات الصارخة التي تواجه المسلمين فيما يضعف أبدانهم ويسمم دمائهم ويوهن عزيمتهم. كان التدخين اللعين. فهل نعي ذلك.؟!
تغريدة:
كم قادة وفنانون ورياضيون سنحت لهم الفرص للوصول لقمم المجد لكن آفة التدخين هزمتهم.. ووقعوا ضحايا للتدخين والمخدرات..؟!