أ.د.عثمان بن صالح العامر
الحياة بطبيعتها صعبة، مليئة بالمنغصات، وفيها كثير من المعوّقات أمام ما يتطلع إليه الإنسان ويتمنى تحقّقه، ولكن هناك منافذ في الذات الإنسانية يمكن للجمال أن ينفذ من خلالها، فيعيش صاحبها قرير العين هادئ البال مطمئن النفس سعيداً في يومه متشوقاً لغده الذي يجزم في قرارة نفسه أنه سيكون أفضل مما هو عليه الحال اليوم، كما أن هناك معززات وعوامل يتحقق بها الحصول على هذا الشعور الجميل لعل من أهمها:
* كن قريباً من الله، واستشعر معيته والإيمان بمقدوره والانصراف إليه وحسن التوكل عليه، إذ متى كان التسليم من الإنسان لربه والاعتقاد الجازم أن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأن كل شيء عنده بمقدار، كانت الطمأنينة النفسية والرضا بالمقسوم والراحة في الضمير.
* اعرف الطبيعة التي خلق الله عليها هذه الحياة الدنيا، فتعامل معها كما هي لا كما تريد أنت أن تكون، مع حرصك وبذل جهدك ما استطعت أن تطوّعها لما تتمناه منها، وستنجح في هذا إن أنت عرفت سنن الله فيها، واستطعت أن تسلك الطرق المؤدية لتوظيف ملكاتك في استجلاب السعادة المنشودة.
* احرص على أن تكون متفائلا بجريان الأحداث، واحذر أن يتسرب اليأس أو القنوط إلى قلبك فتكون للسوداوية أقرب، فربما كان الأمل في طيات الألم، وقد تكون المنح حين تكون المحن، فالخيرة في النهاية لا يعلمها إلا الله {وَعَسَى أن تكْرَهُوا شيئًا وهُو خيرٌ لَكُم وعَسَى أن تُحِبّوا شيئًا وَهُو شرٌّ لكُم وَاللهُ يَعلمُ وأنتُم لا تَعْلَمونَ}.
* عش اللحظة ما استطعت، لا تذهب لذة الاستمتاع بها بالتفكير السلبي الذي يسلبك ما كنت تتمناه، سواء بالهم على القادم من الأيام، أو الحزن على الفائت منها، فأنت في النهاية لحظات مليئة بالفرص لاستجلاب السعادة فيها، متى ما رحلت لحظة بفرصها فلن تملك استرجاعها أو إعادة عقارب ساعاتك من أجل الظفر بفرصها التي مرت سريعاً من بين يديك.
* اعشق الكون واعقد صداقة حقيقية معه، وليكن لك خلواتك التأملية فيما حولك.
* استمتع بصغارك واجعلهم يعيشون طفولتهم، فهم من أجمل جماليات الحياة، حاول أنت أن تتقمص شخصية ابن العاشرة أو حتى أقل حين تكون بينهم، لا تمارس عليهم دور الأستاذية، أو تفرض شروطاً تربوية قاسية وهم لم يبلغوا سن البلوغ بعد، سافر برفقتهم، العب معهم، ادخل بمعيتهم مدينة ترفيهية وعش كما يريدون هم، شجعهم ونشّط الذاكرة لديهم، اجتهد في تعليمهم عن طريق اللعب المحبب لهم، لا تنسَ أن توثق تلك اللحظات السعيدة فهي لن تتكرر حين يكبرون.
* افعل الخير ما استطعت ولا تنتظر رد الجميل، فصنائع المعروف لا تضيع، وللعطاء- أياً كان- سعادة ولذة لا يعرف حلاوتها ولم يتذوق طعمها إلا من عاشها وتشربت قلبه، خاصة إذا كان الفعل منصرفاً للوالدين أو الأقارب أو ذي العوز والفاقة والحاجة من أيتام وفقراء ومعاقين.
* احذر أن تنشغل بمراقبة الآخرين حسداً وحقدا فالرزق بيد الله، والأرض بفجاجها وشعابها تتسع للكل، وهذا السلوك منك لن يجلب لك إلا الحسرة والندامة، وسيسلبك السعادة التي تنشدها.
* كن على يقين دائمًا بأن سعادتك تتولد من داخلك، وكل ما يحيط بك ويؤثر فيك هو في النهاية مجرد عوامل وأسباب تستشربها فتتأثر سلباً- لا سمح الله- أو أنك تتعامل معها بحكمة وحنكة فينتج عن هذا الصنيع التشكل الذي اخترت لنفسك، ومنه تكون سعادتك أو يكون منك النقيض- لا سمح الله - وإلى لقاء والسلام.