تساؤل يطرح نفسه عند القراءة في التاريخ والتأمل في القديم ومداعبة الذاكرة:
لا يمكن لنا أن نعبث خلف شِباك العنكبوت، تلك هي أوهنُ البيوت، تلك التي نَسَجَتْها العنكبوت من خيوط الماضي؛ لتَحْتَجِزَها ها هنا خلف الذاكرة، بجوار الأركان عند الزاوية. لهذا كما نجد دائمًا شباك العنكبوت في المنازل العتيقة، نجد شباك العنكبوت في ذكرياتنا الغابرة، التي عَتَا عليها الزمن. نَنْبِشُ في الصندوق بعد أن نزيل عنه الشباك، ثم نفتحه بهدوء بعد أن نستنشق الغبار العتيق، فنَسْعَلُ سَعْلَةَ أذى من أوجاع الماضي. وما نجد في الصندوق سوى تلك المجوهرات التي تجعل الفؤاد يتلعثم، تلك التي بَهُتَتْ ألوانها وتلطّخت بحبر الوداع الذي بباطن القلم، بعد أن خُطّت رسالة. والتي لن يحييها ويجددها سوى عطر النسيان الذي ابتكرته هِيَ، الذي يبدل السواد بالبياض، وينشر الأمل من جديد.
لم تخطئ حين أخبَرَت يومًا ما: سأكون تعويذة حزنه التي لا تُفَكُّ بسحر ساحر، وفَرَحَهُ الذي إن رحل، اِستُبْدِلَ بحزن لقلبه وحياته، وتميمَتُهُ المخفيّة المعلقة حول عنقه، وحتى معصمه دون أن يشعر، أو حتى يقوَى على انتزاعها إن قَدِر.
- أجواء بنت محمد بن إبراهيم