عبد الرحمن بن محمد السدحان
ـ أهداني سمو الصديق العزيز الأمير محمد بن سعود بن خالد، عضو مجلس الشورى حالياً، ووكيل وزارة الخارجية لتقنية المعلومات سابقاً، نسخةً من كتابه الأنيق (الرفض والقبول) استعرض سموه من خلاله بأسلوب جميل، جُزْءاً من سيرة بلادنا الغالية في مجال (الاتصالات وتقنية المعلومات) بدْءاً من جهاز (البرقية) التي نالها من الرفض الاجتماعي ما نالها، اعتقاداً أن أداءها مسيّر بـ(ذبذبات) شيطانية!
* * *
ـ وجاء بعد ذلك الهاتفُ (ابوهندل) ليواجَه رفْضاً مشابهاً. ثم هدأت العاصفةُ بحلول المزيد من وسائط التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها (الانترنت) التي ما برحت تُبهرُ مستخدميها بقدرتها على اختراقِ الحواجزِ لنقل المعلوماتِ في أكثر من اتجاه، وما تلا ذلك من وسائط أخرى للغاية ذاتها.
* * *
ـ ذلك كان مشواراً عسيراً، تزامنْت بداياتُه مع الميلاد السياسي لهذا الكيان الخالد منذ ما يزيد قليلاً على ثمانية عقود من عُمره، لذا لم يكن أمراً عَجَباً أن تستقبل بلادُنا التقنية ممثلةً في (غزوة) الاتصالاتِ فـي بداياتها المتواضعة بذلك القدر من (الرفض) الاجتماعي، وذهبت بعضُ جبهات حراك ذلك الرفض إلى نعْتها بأنها (مُحْدَثاتْ) من عَمل الجان !
* * *
ـ وقد نجح باني هذا الكيان العملاق، جلالة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه، بحكمته ودهائه وحزمه، فـي احتواء نَزعةِ الرفضِ التي استُقبلتْ بها وسائل التواصل الأولى، وذلك بإيجاد قَدْرٍ من (الأُلفة) أو (المصالحة) مع مَنْ أنكرها، وأنها لا تعمل بـ(مسّ) من (جانٍ)، بل بتقنيةٍ أبدعتها عبقريةُ الإنسان خدمةً للإنسان نفسه !
* * *
ـ ثم تحولت الألفةُ إلى قُبُول لا رجْعةَ فيه، وينتقل رفضُ الأمس البعيد إلى قُبولٍ مُذْهل، تَرحيباً بما أبدعته التقنية الحديثة، واستوى فـي هذا النهج الرجلُ والمرأةُ، والشيخُ والشَاب، من كل الأطياف، بتْنا اليوم بفعل ذلك نتحدث بصدقٍ عن (ثورة الاتصالات) التي حَوّلت طَيْفَ (أبوهندل) إلى أسطورةٍ لكل الأجيال !
* * *
ـ إن المرءَ منّا ليُذْهل هذه الأيام حين يشاهد بإعجابٍ أطفالاً يعبرُون فَجَر الطفولة إلى اشراقَةِ الشباب، ويعَالجُون بإبداع يفوقُ أحياناً فهمَ وقدراتِ بعضِ الكبار، من ذكور وأناث من ذويهم أو من سواهم، مُخْرجاتِ الاتصالات الحديثة ومعَالجةِ مشْكلاتِ برامجها وتَطبيقاتِها بما يَقْربُ من الحرفية المتقنة !
* * *
وبعد ..،
ـ فشكراً لجلينا الماضي الذي أنكر بعضُ أفراده بدائياتِ هذه المخرجات وعلى رأسها (العم أبوهندل) ثم (تَصالحُوا) معها، بعد أن ادركُوا باليقين أن هذه المخْرجاتِ تُصْلِحُ ولا تُفْسِد، وتَصِلُ ما أنقطع من عُرَى التَّواصل والحميمية بين الناس بحركةٍ من إصْبع، ولمَّا يبرحْ أحدٌ منهم مكانَه !
* * *
ـ وزاد هذا التوجُّه قوةً ورُسوخاً أنَّ بَاني هذا الكيان، غفر الله له وأرضاه، قادَ حَراكاً عَاقلاً وحَكِيماً لقبُول أُولى منْجَزات الاتصالات الحديثة دون أن يُحِدثَ ذلك شَرخْاً فـي منظومة التآلف الاجتماعي، مُسْتخْدِماً منهجيةَ العقل ومنطقيةَ الاقْنَاع لتذليل حواجز الرفضِ وإذابتِها !
* * *
ـ وأختمُ بالشكر والعرفان لمؤلِّف هذا الكتاب الأنيق سمو الأمير محمد بن سعود بن خالد الذي بُنِيَ على مادته حديثُ اليوم، وأدعو أفراد جيلنا الشاب أن يَقرأَ هذا الكتاب كي يثمِّنُوا ما حققته بلادهم الغالية من ثَمَراتٍ وما عانَتْهُ من عَثَراتٍ في هذا المجال الحياتي الهام.