«الجزيرة» - سعود الشيباني / تصوير - عبدالملك القميزي:
أعلن مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عن صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين بمواصلة الدراسات العليا والدبلومات للموقوفين بسجون المباحث العامة، حيث تم توجيه الجامعة بإنشاء أقسام متخصصة لطالبي مواصلة دراساتهم بعد أن لمسنا من النزلاء بالسجون حرصهم على مواصلة الدراسات العليا.
من جانبه أعرب عدد من الخريجين من جامعة الإمام محمد بن سعود والموقوفين بسجن المباحث العامة عن فرحهم بالتخرج وكذلك رعاية نائب خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف ولي العهد وزير الداخلية -حفظه الله- للحفل وحضور عدد من المسؤولين وأهالي الموقوفين في سجن المباحث، وكانت المديرية العامة للمباحث بالشراكة مع جامعة الإمام محمد بن سعود قد توجت 114 موقوفاً في قضايا أمنية، بشهادة البكالوريوس في أكثر من ثماني تخصصات علمية.
وذلك في سابقة تعد الأولى من نوعها في حفل تخريج الدفعة الأولى من نزلاء سجن المباحث من طلاب الانتساب المطور بجامعة الإمام محمد بن سعود، الذي أقامته الجامعة بداخل سجون المباحث العامة في منطقة الحاير، وبحضور أهالي وأسر الموقوفين، وبتشريف من مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، ووزير التعليم الدكتور أحمد العيسى، والدكتور سليمان أبالخيل مدير جامعة الإمام محمد بن سعود، ومدير عام المباحث الفريق الأول عبدالعزيز الهويريني، والفريق عبدالله القرني نائب مدير عام المباحث العامة.
وقال فيها مفتي الديار كلمة موجهة للخريجين من الموقوفين: الخطأ يقع من أي إنسان، ولكن خير الخطّائين التوابون، فالخطأ يقع بناء على جهل الإنسان وقلة إدراكه، ويجب أن يعي الشباب أن هناك من أعداء الشريعة وأنصار الشياطين من هم متربصون بأمن وأمان بلادنا ووحدتنا.
وطلب المفتي من الخريجين أن يكون العلم معرفة ووسيلة للعودة من الخطأ وسلك طريق الصواب وأن يتوبوا توبة نصوح، متطرقا للدور الإصلاحي والتعليمي في المملكة، وأن يقارن كل مواطن بين ما يحصل في سجون العالم وما يحصل في سجوننا الإصلاحية من احترام لكرامة الإنسان والعمل على تطويره.
فيما أعلن مدير جامعة الإمام الدكتور سليمان أبا الخيل هدية ولي العهد الأمير محمد بن نايف للموقوفين وهي إتاحة الفرصة أمامهم لإكمال الماجستير والدبلوم عن بعد داخل الإصلاحيات، وقال: عندما تنظر مسيرة هذه الدولة السنية المستمدة دستورها من كتاب الله وسنة نبيه ترى ما يسر خاطرك وما يؤكد على العمل الجاد البناء، فالملك عبدالعزيز مؤسس هذا الكيان وموحده على التوحيد جاء إلى هذا البلاد وهي متفرقة متناحرة متدابرة متباغضة، وبفضل من الله وبما جاء به المؤسس أبدل الله خوفهم أمنا وجوعهم شبعا وتفرقهم وحدة شرعية وطنية.
وتابع بأنه يجب أن نعمل جميعا على الطرح الأصيل المؤصل الذي يتوخى الموضوعية والاتزان حتى يعلم فلذات الأكباد عن السهام المسمومة التي وجهت إليهم، ويجب أن نربي أبناءنا على القيم، فالأمر أصبح واجباً، فقد تواكبت الشرور علينا من الشمال والشرق والجنوب والغرب يريدون أن يصلوا إلى أفكار شبابنا حتى يصبح المجتمع فوضى.
كما أعلن أبا الخيل عن عزم الجامعة بالتعاون مع المباحث على فتح مراكز تعليمية متخصصة داخل السجن لكل مستفيد تتيح له تهيئة نفسه بكافة الأساليب لتغذية مهاراته.
فيما أضاف مدير مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة اللواء الدكتور ناصر بن محيا المطيري بأن المباحث وضعت الحوافز التي تشجع النزلاء وفق مبدأ التكامل، وقد ساهمت تلك الجهود في إلحاق أكثر من 1080 منتسباً في مختلف المراحل التعليمية، إذ بلغ عدد منتسبي البكالوريوس منهم 789 طالباً، كما توالت جامعة الإمام بالشراكة مع وزارة الداخلية بأنشطتها المؤثرة لتثبت دورها الرائد، فالعلم يصنع للإنسان النجاح والمجد.
إلى ذلك عبر عدد من الخريجين عن سعادتهم بتخرجهم ورعاية نائب خادم الحرمين الشريفين للحفل وكذلك تشريف سماحة المفتي ومعالي وزير التعليم ومعالي مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ومعالي مدير عام المباحث للحفل، مؤكدين أن ذلك يؤكد مدى اهتمام القيادة.
وتحدث عدد منهم في تصريحات لـ«الجزيرة» أنهم وجدوا في السجن عدة برامج وفعاليات ساهمت بعد الله في خلق فرص التنافس المحموم بين النزلاء فيما تم إتاحة الفرصة للموقوفين لممارسة هواياتهم بدءاً من الدراسة ومرورا بممارسة هواية الرسم والنحت والزراعة والكهرباء.
وقال الخريج (خ.م.ح) تخصص شريعة إن سبب إكماله هو وجود الرغبة في الدراسة قبل الإيقاف، كما أنه ولله الحمد تم إكمال دراستي وكانت الإجراءات سهلة وميسرة ولله الحمد ولمسنا جهودا مبذولة عن طريق عمادة التعليم عن بعد داخل السجن وخارجه وكذلك السجن.
وقال إن لحظة التخرج: لحظة لا تنسى وطموحاتي للمستقبل رغم إيقافي عالية ولله الحمد.
كذلك تحدث لـ«الجزيرة» الخريج (و.ح.م) تخصص شريعة قائلا : إن آخر مؤهل كنت أحمله لحظة القبض علي هو دبلوم من شركة أرامكو السعودية وعقدت العزم على مواصلة دراسي حيث إن لكل إنسان أن يستثمر الفرصة المتاحة أمامه وبمجرد حصول فرصة إكمال الدراسة مباشرة قررت ذلك بدون تردد وكل الشكر على الجهود الجبارة من الإخوة في المباحث على إتاحة الفرصة، معربا عن فرحه لحظة التخرج وقال في هذا اليوم شعوري لا يوصف وشمعة تنير الدرب من جديد، وطموح استثمار هذه الشهادة لأكون أحد سواعد هذا الوطن المعطاء، مؤكدا أن لديه خطط مستقبلية وأتمنى أن تتاح لي الفرصة لأخدم بلدي بهذه الشهادة
وامتدح إجراءات الاختبارات داخل السجن واصفها بالممتازة.
كذلك تحدث (م.ع) قائلا: بكل فخر واعتزاز وفرحة غامرة نحتفي اليوم بحصولي على درجة البكالوريوس في أصول الدين قسم القرآن وعلومه.
كما تحدث الخريج (م.ع.ق) قائلا : تم إيقافي وأنا أدرس في الجامعة فقررت أن أكمل الدراسة ووجدت دعماً لا محدود من قبل إدارة السجن والإجراءات انسيابية وكبيرة.
وتحدث أحد الخريجين تخصص شرعية قائلا: لم أتوقع بعد القبض علي أن يتاح لي بمواصلة الدراسة ولكني فوجئت بطلب من إدارة السجن رفع طلب لوزير الداخلية إبان عهد الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله-. وبعد الرفع للأمير بدوره رفع لخادم الحرمين الشريفين في ذلك الوقت الملك عبدالله -رحمه الله- ، وقد صدرت التوجيهات بالموافقة للموقوفين بمواصلة دراستهم ودفع الرسوم من قبل الدولة وهذا فتح للموقوفين أملا في الدراسة والتحسين من ثقافتهم الشرعية وبالفعل تم ذلك واليوم نحمد الله أننا نعيش فرحة غامرة بالتخرج وتشريف الحفل لعدد من المسؤولين والأهالي.
كما تحدث خريج آخر قال إنه تخرج بتقدير امتياز تخصص اقتصاد ومن لحظة القبض علي منذ 14 عاما كانت أمنيتي مواصلة الدراسة والحمد الله تحقق ذلك كما أنني لا أنسى دعم والدتي لي لحظة زيارتها لي بالسجون واليوم ولله الحمد حضرت وشاركت معي فرحة تخرجي مؤكدا أنه تم إطلاق سراحه قبل 8 أشهر بتوجيهات من القيادة بعد صدور إعفائي من المدة المتبقية من الحكم وهي سنتان.
وقال الخريج أثناء كلمة معالي مدير جامعة الأمام محمد بن سعود الإسلامية أثلج الصدور بموافقة القيادة على السماح لنا بمواصلة الدراسات العليا وتسخير كافة إمكانية الجامعة لتذليل الصعاب تجاه طالبي مواصلة الدراسات العليا.
كما تحدث خريج ثالث لـ«الجزيرة» قائلا : كل عام نلمس تسهيل أي صعوبات تواجه الطلبة سواء من المباحث أو الجامعة كما أننا لمسنا سعادة الجميع بالنتائج التي حصلنا عليها بعد تخرجنا حيث اثبت الخريجون أنهم على قدر من المسؤولية والحرص على أن يكونوا إضافة إيجابية للوطن والمواطنين بعد قضاء محكوميتهم بعد أن تورطوا خلال فترة زمنية سابقة، مؤكدا أن تجربتهم يجب أن تنقل لأبناء الوطن كي لا يكونوا ضحية ولعبة بأيادي أعداء الوطن.
فيما تحدث اثنان من الخريجين في مشهد أمام الحضور عن تجربتهم في السجون بإحدى الدول الذين سربوا صوراً مروعة للتعذيب الذي تعرضوا له في سجن خارج السعودية، مؤكدين أنهم وجدوا في سجون المباحث تسهيلات وتعاون لخدمة الموقوفين على ذمم قضايا أمنية مختلفة.
وقال الخريج وجدنا حوافز وتشجيع منقطع النظير من قبل ضباط وأفراد سجن المباحث مما ساهم في حصول غالبية الطلبة على تقديرات متفوقة وتنم عن حب الجميع للعلم وخاصة الشريعة وعلومها.