د. خيرية السقاف
هذه الفوضى السلوكية، والانحيازات الداكنة، والسلوك المشين السائدة في محيط رياضة «كرة القدم»، ألا تدعو لإيقاف هذا البحر الذي تحول لطمي، وغرقت فيه من الأخلاق أنبلها، وأسماها، وأطيبها، وأنقاها..؟
حيث يكون الفعل، والقول عن كرة القدم، يكون التوتر، والهجوم، وتبادل الاتهامات، والإيقاع بالآخر في مزالق الهفوات، وتطويقه بالعقوبات، حتى المشجع لم يعد الممتَّع بالترفيه بها بل المكبل بعبء الانحياز إليها، لا يتورع عن العراك في البيت، والشارع، والمدرَّج، والمطار، إخوة، وأصدقاء، وزملاء، وجيران وحيث مشجع أو منتمٍ إليها، حتى غدت هذه «اللعبة» محرضًا للمرض، مشيعة للفرقة، مخرجة أضغان نفوس لم يتكون فيها ضابط..!
شوّهت هذه «اللعبة» واجهة القوم، وأبلت مُشينًا في سلوك الصغار، والكبار.. وعكست ما لا يسر..
يصيب البقية دوار حين تلتقي الُفرَق «الكبيرة»، ويكون في كل ثلة أولئك الغلبة من المجتمع ينتمون لفريق فيها..
وفيهم إعلاميوها، وكتابها، وحكامها، ونقادها، ولاعبوها، فهم لا يقلون عن مشجعيها فوضى، وانفلات أعصاب..
فما دامت لم تحقق الغرض منها، فلماذا لا يتم التوجه إلى حل جاد، وحاسم يريح الناس من غوغائها، وصخبها، وتشقق بيئتها، وانفلات ضوابط منتميها «المتعصبين» لها، والمبالغين في الانفعال لنتائجها..؟!
إذ ليتهم يفعلون هذا نحو العلم، والعمل، والإنتاج، والإنجاز، والفوز بما هو أجدى وأبقى، لا غبارا يذرى مع ركلات اللاعبين، وحركة كرة جلدية تلوب بين الأقدام..!!
فالأموال التي تهدر لها، والجهود التي تبذل في سبيلها، والأوقات التي تبدد عند قيام مبارياتها، لم تحقق الهدف منها إن كان هذا الهدف هو الرقي بذائقة المتعة، والتنافس في مستوى العدل، والانحياز في مستوى النزاهة.. أفلا تتجه الأذهان، ويوجه الاهتمام بين الأفراد لما هو أجدى، ولما يجذب بثبات قيم التعامل، والتفاعل، والتنافس الخلاق؟!!
أما «لعبة» كرة القدم كما هو واقع حالها، فإن غباراً تذر، وعتمة تشيع، وجواً من التوتر المحبط تنشر بين الناس، وخيبة تسري في تفاصيل بنيتها، وفضاء أنفاسها.
ولعلنا في حاجة لما هو أرقى، في ضوء واقعها..!