جاسر عبدالعزيز الجاسر
قبل أيام احتفل العالم بيوم المرأة العالمي الذي يصادف الثامن من شهر مارس، هذه المناسبة لابد وأنها تثير كثيراً من الإحباط وحتى الاكتئاب لدى العديد من النسوة في العديد من الدول العربية، فالمرأة العربية تفتقر إلى الكثير من حقوقها المشروعة التي كفلها لها الإسلام إذ ساواها بالرجل من حيث الحقوق والواجبات، إلا أن تسلط الرجل حرمها من هذه الحقوق بعد أن فضَّل التقاليد وما ورثه الأبناء عن الآباء لتصبح ثقافة التقاليد الموروثة مقدمة على ما سنته الشريعة الإسلامية. أما أكثر ما ابتليت به المرأة العربية في الأعوام الأخيرة فهو ما نالته بعد موجة «التخريب العربي» الذي خدع العرب جميعاً بإطلاق مصطلح ترغيبي لإيقاعنا في فخ الخداع، فسُمِّي التخريب والفوضى بـ»الربيع العربي»، وإذ كنا في مقالة الأمس قد سلطنا الضوء على التدمير والتشويه الذي أصاب أطفال العرب من تلك الموجة الفوضوية، فلابد من الحديث عن الآثار التدميرية التي تعرضت لها النسوة العرب في فترة «التخريب العربي».
لا أتحدث عن ما تعرضت له المرأة العربية في العراق وسوريا والتي أعادها تنظيم داعش الإرهابي إلى عصر الجواري والسبايا، فقد فرض أحقر وأشد حالات التخلف التي شهدتها الإنسانية على المرأة العربية في العراق، وبالتحديد في محافظة نينوى عند جبل سنجار، إذ تعرضت النسوة اليزيديات إلى الخطف والأسر، وبعد ذلك تم بيعهن «سبايا» والبعض الآخر مُنحن لأعضاء التنظيم الإرهابي. سبي النسوة العربيات لم يقتصر على اليزيديات العراقيات بل شمل النسوة السوريات في محافظات الرقة ودير الزور والقامشلي والحسكة في سوريا.
أما الأكثر بشاعة الذي أصاب المرأة العربية فهو بدعة ما سُمي بـ»جهاد النكاح»، والذي يتمثل في تجنيد النسوة العربيات ودفعهن إلى مناطق القتال للترفيه عن المقاتلين بعد تزويجهن زواجاً صورياً يتكرر أكثر من مرة ومع أكثر من مقاتل.
استهانة ليس بعدها من استهانة بكرامة المرأة العربية واحتقار لإنسانيتها، وكل هذا يجري ويتم وفق معتقدات مشوهة ومنحرفة لجماعة تدعي التدين والتمسك بالإسلام.
المرأة اليمنية تعرضت إلى حالة أخرى تكشف الحالة التي وصل فيها تعسف الرجل، ومدى سطوة الثقافة الذكورية، إذ فرض على المرأة اليمنية في المناطق التي استولى عليها الحوثيون بحمل السلاح والقتال إلى جانب الانقلابيين الحوثيين، وسيقت الآلاف من النسوة اليمنيات إلى جبهات القتال والمشاركة في المعارك.
أما الصور الأخرى التي تعايشت معها المرأة العربية أو التي فرض عيلها أن تتعايش معها فهي اضطرار الكثير من النساء العربيات للقيام بدور العائل الوحيد لأسرهن، وخاصة التي أجبرت على الهروب من بلدانها، ففي بلاد الهجرة والغربة تقوم المرأة بجهود مضنية لتربية أولادها وأكثرهم من الأطفال القصر، والبعض منهن يقمن بأدوار أقل ما توصف بأنها بأدوار بطولية في توفير العيش الكريم لأسرهن وخاصة في بلاد الغربة الأجنبية في أوروبا وأمريكا.
هذه صورة أخرى لمآسي فترة التخريب العربي التي خدعنا بإطلاق مسمى الربيع العربي الذي جفف ذرع الحليب في أثداء نسائنا وشرد أطفالنا.