د.عبدالعزيز العمر
في كوريا الجنوبية (مارد تعليمي) تم توجيه سؤال للقيادات الكورية الجنوبية عن الخلطة السرية التي أنتجت ذلك التقدم التقني الحضاري الكوري المذهل، فجاءت إجاباتهم كالتالي: إن سر أو شفرة تقدمنا الحضاري ليست في وفرة وثراء مصادرنا الطبيعية (وهي غير متوافرة على أية حال)، بل هي في التعليم، والتعليم فقط (انتهى). نحن في المملكة مثل الكوريين نقدم لأبنائنا تعليماً كما هم يقدمون تعليماً لأبنائهم، لكن هناك دائماً فرق كبير بين تعليم نوعي عالي الجودة يصنع العقول المفكرة، وتعليم متدني النوعية يتجاهل عقل الطالب ولا يرى في الطالب سوى أنه مستودع خزن معلوماتي.
وعلى خلاف كوريا الجنوبية التي تطالب طالبها ببذل جهد مضنٍ كبير ليستجيب للضغط التعليمي الأسري وللمتطلبات المدرسية الهائلة، نجد فنلندا من جهة أخرى تقدم لأبنائها تعليماً يؤكد أهمية أن يستمتع الطالب بعملية التعلم، فالفنلنديون يبذلون قصارى جهودهم لكيلا يكون التعليم مجهداً ومقلقاً للطالب بدنياً ونفسياً ووجدانياً (لا يوجد واجبات منزلية في فنلندا). إنهم يعتقدون أنه لا يمكن إطلاقاً أن يجتمع (التعليم الجيد) مع (الملل) و(الخوف) و(الضغط النفسي) الذي يواجهه الطالب.
أما في السعودية فالطالب لا يجد نفسه يواجه متطلبات وتحديات أسرية ومدرسية عالية تضطره إلى بذل قصارى جهده ووقته على حساب صحته واستقراره النفسي (كما يفعل الكوريون)، كما أن الطالب السعودي من جهة أخرى لا يجد نفسه في بيئة تعليمية ممتعة وجاذبة تجعله يستمتع بالتعليم ويقبل عليه ويبحث عنه (كما يفعل الفنلنديون)، فطالبنا في منجاة من ضغط متطلبات التعليم ومن متعته وجاذبيته، والنتيجة تعرفونها.