د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
في الأسبوع الماضي وفي الثامن من شهر مارس تحديداً كانت هناك شعلة ضوء تحملها النساء في العالم احتفاءً بيومهن العالمي، وحتماً لكل أناس مشربهم، ونحن هنا في بلادنا المملكة العربية السعودية نحمل مع نساء المسلمين قاطبة وثيقة متينة للشراكة المشرّعة من تعاليم الدين الإسلامي التي تنص على أن للمرأة عهوداً وليست أياماً من المكانة، قال صلى الله عليه وسلم «استوصوا بالنساء خيراً.... «رواه الشيخان في صحيحيهما.
وتلك العهود الممتدة حملتها المرأة في بلادنا بزهوها الجاد المتفوق، وعقدت معها أواصر من قلوبهن الرحيمة، ونداوة مشاعرهن، فكان ذلك مشعلاً آخر من التوازن في بناء ممكنات الحياة، والدخول من أوسع بواباتها. وأجزم أن سقي زروع الطفولة هو إنماء للمجتمع المحفز حين تشرق أنوارهما معاً. وثمة مشاهد استيعاب داخلي مضاعف لاكتشاف المشاهد النامية للمرأة في بلادنا، فملكت نساؤنا باستحقاق كبير أدوات العصر من الفكر والمعرفة والحكمة والاحتكام، وتجاورتْ النساء في مواقع الإنتاج الوطني مع الرجال وفق ما حددته مقتضيات التنمية والمشاركة في صناعة المنجز الوطني العام ومن ثم الاحتفاء المشترك أيضاً بالحصاد. ومن جميل الحال أن جلَّ النواتج الوطنية والقرارات التي دعمت ْ تواجد المرأة تؤكد أن المرأة في بلادنا قد أدركتْ ذاتها القادرة، وأدركت تماماً أحقيتها بالمنافسة الشريفة مع الرجال في مواقع الأعمال ومنصات الفكر المجتمعي العامة والخاصة. ولقد جذبني ما سطره بعض قادة القطاعات في الدولة لزميلاتهن النساء من عبارات شكر وتقدير في اليوم العالمي للمرأة، فلقد قرأتُ بعض العبارات على مواقع التواصل الاجتماعي فوجدتها تصدح بالفخر أولاً وبتقدير منجزات المرأة ثانياً، وكذلك امتلأت تلك الرسائل الأنيقة بالوعود الصادقة بالمزيد من المكانة والتمكين للمرأة في تلك القطاعات، وأحسبُ ذلك يمثل مجازاً رؤية عامة عند قادة المنشآت العامة والخاصة التي تعمل بها النساء، وبلادنا بقيادتها الرشيدة وفي عهودها الزاهرة حفَّزت المرأة وبنت لها منصات المشاركة في الحضور والقدرات والقرارات، وفتحت الباب واسعاً عبر قنواتها المباشرة لمناقشة قضايا المرأة وبحث متطلبات واقعها مثلما هو كل شأن يحتاج للنقاش والحوار وتلمّس أنسب السبل لتحقيق ممكنات المرأة في قيادة واقعها المجتمعي الحديث.
«يا موطنا لَبس النساء قلائدا
فيه تدلتْ مثل زُهرِ الكوكبِ
فكر تألق تصطفيه عقائلٌ
عطشى يروّيها بأعذب مشربِ»
وحيث رسمتْ النساء في بلادي لوحات جميلة من الأعمال الرائدة التي انبثقت عن فكر قويم وإحساس حقيقي بالمسؤولية المجتمعية، وحصدت المرأة مواقع ثقة عظيمة من قيادتنا الرشيدة - رعاها الله - وعلا اسم بلادي من خلال بناته في كل المحافل، فتكونت آفاق واسعة وصدحت أصوات متعددة، ولأن منجز المرأة رأى النور ولكن بعض قضاياها ما زالت تتطلب استجابات جديدة، وهناك شيء من حراك المرأة اختلفت فيه عقول وأفهام، ولأن الإسلام حفظ لها موقعها وواقعها، فكنا نتمنى أن تتبنى الجهات الرسمية خاصة من تمثل المرأة جزءاً كبيراً من الوظائف فيها كالتعليم ومن تعنى بالواقع الأُسَري تحديداً كوزارة العمل والتنمية الاجتماعية بأن تخطط وتعد برامج حافزة في يوم المرأة العالمي من كل عام، يكون مدارها الأهم إبراز رعاية الإسلام للمرأة وإنصافها في الحقوق بما حفظ لها كرامتها وحقق لها المكتسبات المتوائمة مع طبيعتها كمؤسس رئيس للأسرة، وداعم أولي للمجتمع من خلال مخرجاتها الأسرية، وبما يضمن استمرار الدفاع عن قضايا المرأة التي ولدتها الضرورات العصرية التي ما زالت معلقة، وبما يظهر واقع المرأة السعودية ذا الانطلاقات الحافزة، وأن تتمثل فتياتنا في المدارس والجامعات النماذج القدوة من السعوديات اللاتي تصدرن المنصات في كل محفزات النهوض التي تنشدها المجتمعات، وبما يؤصل للإسلام كمنطلق رئيس لكل المشاعل والإنجازات التي حصدتها المرأة السعودية خاصة والمسلمة عامة في كل حياتها، كما نتمنى أن يكون الاحتفاء التعليمي داخل المدارس باليوم العالمي للمرأة جديداً وجاداً ومحفزاً على المزيد من الثقة في المرأة السعودية، وعلى تحفيز العقول للصدارة المحلية والعالمية، وأن تتحقق من خلال تلك البرامج الطروحات الهادئة والأحكام المتزنة، وأن يكون اليوم العالمي للمرأة الذي استحدثوه من خارج بلادنا منبراً جديداً يصدح بما تتميز به المرأة السعودية المسلمة في بلادنا من وفير المكان والمكانة.
بوح للمرأة في بلادي:
قد كنتُ قبل اليوم أعشقُ وِرْدكم
واليوم أشعلُ من ضياكم مركبي