فهد بن أحمد الصالح
لقد أصبح الترويح الرياضي والنشاط الشبابي أحد أهم برامج الولاء للمصالح الحكومية وشبه الحكومية ولكيانات الأعمال الكبيرة والمتوسطة ونشاهد في العديد منها إمكانيات ومبانٍ واستعدادات وميزانيات كبيرة من أجل خلق الولاء للمنشأة وتحفيز منسوبيها إلى مضاعفة العطاء لها، فالقطاعات العسكرية المختلفة وبعض الوزارات والجامعات العامة والأهلية والشركات الكبرى كسابك وأخواتها والكهرباء وأرامكو والخطوط السعودية والاتصالات والبنوك والكثير غيرها تملك مدنا رياضية شاملة أو أندية متكاملة وبتفاصيل ترويحية وتربوية متنوعة وبعضها يشمل في خدماته أُسر الموظفين، وهذا ما يجعلنا نجزم أن لديها الرغبة ليس في منفعة منسوبيها فحسب وإنما خلق تنافس متوالٍ مع غيرها بما يؤكد تنامي الولاء والدفاع عن تفاصيلها بكل ما يستطيع المنتمي إليها أن يقدمه لها، واستخدام تلك الموجودات من الإمكانيات واستثمار الميزانيات المرصودة لها هو من باب النفع العام الداخلي والخارجي المرحب بصدق به في كل القطاعات المالكة له، بل إنها تدفع بموجوداتها وإمكاناتها للآخرين من باب الاستفادة المشروعة منها دون أن يضر ذلك باستخدام منسوبيها لها لأنها في الأصل وضعت لتوفير بيئة عمل جاذبة ومصدر لراحة منسوبيها وتحقيق رغباتهم من منشأتهم الحاضنة لهم.
هذا المدخل يقودنا إلى الحديث عما ننتظره من اتحاد الرياضة المجتمعية بثوبه الجديد وثقافته الخاصة والمتجددة التي سينطلق فيها إلى تحقيق مبادرات الهيئة الرياضية الـ22 مبادرة التي ستكلف أكثر من 25 ملياراً لإقامتها وهي التي ستواكب بها الهيئة برنامج التحول الوطني الرياضي قبل نهاية 2020 وسيقاس الأداء فيها دورياً وبمدد قصيرة وتحت نظر ومراقبة مجلس الاقتصاد والتنمية، والدوائر والكيانات الاقتصادية المختلفة التي سبق الحديث عن بعضها ستكون في غاية السعادة بالمشاركة في تحقيق تلك المبادرات لأن لها علاقة بالشأن الرياضي ورفع عدد الممارسين الرياضيين إلى 20% من المواطنين، هذا مع المشاركة في تحقيق أحد محاور رؤية المملكة 2030 برفع عدد المتطوعين إلى مليون نسمة عن طريق المتطوعين في تلك الجهات في شأنها الرياضي والشبابي، كذلك فإن تلك الجهات لا تستطيع أن تحقق رغبتها في التنافس مع الآخر إلا من خلال مضلة رسمية تجمع هذا الشتات لكي تتحقق تلك المنافسة وتندفع لها ولا أفضل من أن تكون تلك المضلة هي اتحاد الرياضة المجتمعية الذي سيمثل ثقافة مختلفة ونقلة نوعية في الرياضة وارتباطها بالمجتمع بكل أطيافه وأجناسه وأعمار مواطنيه وأماكن تواجدهم ووفق الأوقات التي يحبون أن يمارسوا رياضتهم وهوايتهم.
كذلك يمكن وبترحاب مؤكد أن يشترك اتحاد الرياضة المجتمعية مع الغرف التجارية والصناعية وإدارات خدمة المجتمع فيها أو المسؤولية الاجتماعية لديها لتتولى التنسيق مع كيانات الأعمال وترتيب لقاءات ومنافسات رياضية بينها، فاليوم أصبحت المسؤولية الاجتماعية مجالاً خصباً للعطاء والتفاعل وهي تنفذ بمهنية رائعة في الغرف التجارية خاصة الكبرى فيها مما يؤكد نجاح هذا التطلع وحقيقته، كذلك أصبحت المسؤولية الاجتماعية في كيانات الأعمال ثقافة شبه سائدة وأمست مجالاً خصباً للتنافس وبيئة جاذبة لكل من يوليها الاهتمام من الشركات الكبرى والمتوسطة، وتؤمن تلك الكيانات أن الاهتمام بالجانب الرياضي واجب عليها. ويمكن تنفيذ التنافس المتنوع بالكثير من الألعاب الرياضية وربما المسابقات الثقافية واستغلال ما قدمته أمانات وبلديات المملكة في نشر ملاعب الأحياء التي أصبحت اليوم تستقطب المئات من الشباب لمدة ثمان ساعات يومياً، ولن يكون المال عائقاً لتنفيذ هذه الإستراتيجية المجتمعية إن لم يتوفر لدى الاتحاد والقطاعات الحكومية المشاركة فالبحث عن راعي لهذه المنافسات ممكن، بل سيجد اتحاد الرياضة المجتمعية تنافس من الكيانات الاقتصادية للفوز بالرعاية مع حفظ الحقوق والالتزامات والمنافع التي ترفق بعقود الرعاية للمناسبات.
ختاماً، كتاب الرأي الرياضي يقدمون رأيهم من باب المشاركة المجتمعية والمسؤولية الاجتماعية الفردية وهو ما يدور في مجالس العامة وما يفكرون فيه بالإنابة عنهم، ونجزم أن هذا لن يغيب عن المعنين في اتحاد كل الألعاب وكل الناس والأجناس بل ربما تجاوز تلك الرغبات إلى أبعد منها وهو العهد في الوطنيين المخلصين وسنرى في الخطة الإستراتيجية للاتحاد القصيرة والطويلة الأجل ما يسرنا خصوصاً وانها ستكون على مراحل الأولى منها ستنفذ حسب الوعد قبل نهاية 2020 تنفيذاً على أرض الواقع وليس تنظيراً أو بداية انطلاقة ولابد أن يصاحبها قياساً للأثر الذي أحدثته تلك المبادرات وما سيتبعها من مبادرات أخرى وأهداف ومؤشرات أداء، فالمجتمع اليوم ولكل الأعمار متعطش لأي ممارسة فاعلة تحقق له نشاط رياضي أو استعداد ذهني أو سلامة بدنية وتقدم له باحترافية عالية ومهنية متمكنة وضمن عمل مؤسسي دقيق، وفتح المجال للمنافسة مع القطاعات المختلفة العامة والخاصة سيحقق دون شك حراكاً مجتمعياً رياضياً وتربوياً وثقافياً تحمد نتائجه وتؤمن عواقبه لأنه من مصالح المواطن ولصالح المواطن الذي يشكل باستمرار حجر الزاوية عند قيادته وتوجه لرفاهيته كل الخدمات والإمكانيات عبر عمل مؤسسياً ومهنياً تشرف عليه جهة رسمية موثوقة.