الكتاب هو المعلّم الأول للبشريّة وفوائده تكاد لا تحصى، خير جليس في الزمان كتاب، فالكتاب هو الصديق الذي لا يخونك ولا يفارقك ولا يتحول من جوارك إلا إذا تركته أنت وهجرته بإرادتك، فهو صديق وفيٌ مُخلص، الذي ينتهج القراءة سبيلاً له فلا شكّ بأنه سلكَ فجًّا واسعًا وفتح لنفسه أبواب المعرفة على مصراعيها، وفي هذا العصر الذي نعيش فيه تنوّعت أنواع الحصول على المعرفة بين المعرفة السمعيّة والبصريّة من خلال الوسائط المتعدّدة وكذلك المعرفة من خلال القراءة الإلكترونية عبر أجهزة الكمبيوتر أو الأجهزة اللوحية والهواتف الذكيّة، ولكن يبقى الكتاب الوسيلة الأدوم والأفضل للقراءة من خلاله، فهوَ لا يتأثر بوجود وسائل الاتصال من حولك ولا بالكهرباء من حيث انقطاعها أو دوامها فهو بين يديك مكتوب ومسطور ويُملي عليك ما بين سطوره لتنهل منه ولتستفيد
الكتاب هو سجل للتّاريخ قديمًا وحديثًا، فنحن نعرف تاريخ الشّعوب والحضارات السابقة من خلال الكتب التي كتبها المؤرخون وسطّروا كلماتها بمداد من ذهب، ولولا الكتاب لما وصلتنا أخبار كثير من تلك الحضارات ولذهبت طيّ النسيان، ولا شكّ بأنّ هذا الأمر يفيد الإنسان من حيث إن هناك عبرًا كثيرة يستفيد منها الإنسان في حياته كما يكون في تجارب من سبق خير دليلٍ ومرشدٍ للإنسان في التّعامل مع المواقف والأحداث، فالتّاريخ كما يقال في الحكمة الشّهيرة يكرّر نفسه باستمرار. الكتاب هو وسيلة التّعليم والتّعلم، فالإنسان حينما يريد أن يدرس ويتعلّم في مجال من مجالات الحياة المتنوّعة والكثيرة فإنه يستخدم الكتاب ويطّلع على ما فيه من علوم ومعارف، وكذلك العالم والمدرّس يعتمد على الكتاب في تدريس الطّلبة وتعليمهم المناهج المختلفة، فالكتاب هو محور العمليّة التّعليميّة والتربوية وأداتها الرئيسة. الكتاب كوسيلة لزيادة ثقافة الإِنسان، فالإنسان حينما يقبل على قراءة الكتب يتعرّف على ثقافات الشعوب المختلفة وينهل منها، كما أنه يزيد إلى ثقافته باستمرار كلّ جديد. الكتاب كوسيلة سياحيّة تمكّن من التعّرف على البلدان والأقاليم، فهناك من كتب الآثار الكثير التي ذهبت بالقارئ إلى بلدان بعيدة ما كان يمكن للإنسان التّعرف عليها لولا الكتاب، ومثال على ذلك الرّحلات التي كان يقوم بها ابن بطوطة ودوّنها في كتابه الشّهير تحفة النّظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار. الكتاب أداة ترفيه عن النّفس والتسلية، ومثال على ذلك كتب النّكت والقصص المضحكة عن البخلاء والأغبياء وغيرهم ككتاب البخلاء للجاحظ، وكتاب الأذكياء لابن الجوزي.
من فوائد قراءة الكتب
تحصيل المعرفة التي تُعدّ قراءة الكتب من أهم الوسائل في تحصيلها، وبتنوّع عالم الكتاب تتنوع المعرفة تبعًا له، فأنت تستطيع الإحاطة بالمعارف الدينيّة والمعارف التاريخية والجغرافية والفنيّة من خلال الكتاب. بالقراءة تستقيم الأفكار وتستنير الأفهام ويبتعد الشخص الذي يُكثر من قراءة الكتب عن سفاسف الأمور، فهو بالقراءة صاحب أفكار نورانيّة وبصيرة حديدية يستطيع من خلالها أن يُميّز بين الغثّ والسمين. حينما تقرأ أكثر وتطّلع أكثر تتكوّن لديك مناعة ضد الأفكار الهدّامة والجماعات ذات الايدلوجيات المنحرفة والضالة، وبهذه المناعة التي كوّنتها القراءة لك هي الحصن المنيع لديك من الإنجرار وراء كل من يُريد الإساءة لك وهو يرتدي ثوب الواعظ الجليل. النظر في الكتاب والقراءة فيه تختلف عن القراءة من خلال الأجهزة الإلكترونية حيث لدى الأجهزة أشعة صادرة باتجاه العين الأمر الذي يؤدّي للأضرار بالعين مع كثرة المداومة على المطالعة الإلكترونية لكن مع الكتاب فأنت تقرأ بشكل طبيعي وبدون أضواء صادرة تجاه العين بشكل قد يؤذي العين. القراءة في الكتاب مصدر لملئ أوقات الفراغ واستغلالها الاستغلال الأمثل بحيث لا تجد وقتًا لأحاديث القلق والتوتّر، فالقراءة تمنح الطاقة الإيجابية وتعزز الروح المعنويّة لدى القارئ لأنه بقراءته يُضيف إلى معرفته عُلومًا جديدة ويرتقي بالمستوى الثقافي لديه وهذا مما يُشعر بالسعادة والرضا عن النفس. القراءة تُثري اللغة لديك بجميل المعاني والمُفردات وتُثري الموسوعة الكلاميّة لديك، فالقارئ الجيّد هوَ مُتحدّث جيّد لأنه صاحب مخزون لا ينضب ما دام على القراءة مداومًا، وبجلوسه مع الآخرين ترى الناس يأنسونَ بهِ وبالحديث معه؛ لأنه يأتي لهُم دومًا بالجديد وليس ممن يتحدّث إليهم فيملّون من حديثه لأنه مُتكرّر وضحل.