محمد جبر الحربي
1
العمْرُ مساحةُ أشجارٍ وطيورْ.
والسِّيرةُ مِنْ وردٍ وعطورْ.
والقصَّةُ نشوةُ أحبابٍ وطُيُوبْ.
والشِّعرُ الطَّائفُ والفلُّ المعقودُ
قصائدُ أولى منْ حبٍّ وحنينٍ وغناءْ.
والبسمةُ تعلو
والقلبُ يذوبُ
وما ثَمَّ ذنوبْ..!
يا ربِّ، الطَّائفُ..
هذا الطَّائفُ يخجلُ
ممَّا تمنحُ مِنْ بهجتِها العينُ الحِنَّاءْ.
والعمرُ يسافرُ في الكفّينِ
ويقرأ وجهيَ حين يغنِّي موّالَ الماءْ.
نسألُ فيمنْ نسألُ سيدةً مِنْ دمْعٍ وضياءْ
يا سيِّدتي:
مَنْ يزرعُ عطراً أوْ شعراً
في هذا الوقتِ الْيغربُ
غيرُ قلوبٍ تعشقُ
والعِشقُ قلوبْ..؟!
هيَّا ما بالي أبكي مثلُكِ
وأنا أعزفُ لحناً يعرفهُ النَّاسُ،
وللنَّاسِ مقامٌ وهُبوبْ.
هاتي الشَّايَ
وهاتي النَّعناعَ
تعالَيْ..
ما ثمَّ شِمالٌ دونَ جنوبْ..!
2
قالوا قدْ جُنَّتْ إذْ عشقتْ
صامتْ خجلاً
واحمرَّ على خدَّيْها التِّينْ.
بعدَ خريفٍ
تلوَ خريفْ.
بادتْ في الحربِ ألوفٌ وألوفْ.
لكأنَّ العالمُ قدْ جُنَّ
بلا حُبٍّ..
مِنْ غيرِ حنينْ.
كمْ كانتْ أجملَهُمْ في الحبِّ
وأعقلَهُمْ..
قبلَ سنينْ..!
3
بيني وبينَكَ ما يُطاقُ ولا يطاقُ.
بيني وبينَك دجلةٌ،
أوْ شئتَ.. منتصفُ الفراتِ
وما تنوحُ بهِ الطُّيورُ لغربةٍ، ذاكَ الفِراقُ.
لا شيءَ عندي غيرُ ساقٍ مِنْ نخيلٍ
لا يُساقُ فلا تُساقُ.
البيتُ مِنْ شِعْرٍ..
وبيتُ الحكمةِ الأولى
وإنْ يلهو بهِ الجهَّالُ، هذا اليومَ، في الدُّنيا العِراقُ.
4
ما يذكي النّارَ
ومَنْ أذكى؟!
قالتْ إنِّي متعبةٌ،
أجلسُ في البيتِ وأمِّي،
أمِّي مُتعَبةٌ،
بردٌ وأنا الشَّالْ.
أدري تكذبُ،
كان الخجلُ لها عنوانْ.
واحمرَّ جوابٌ واخضرَّ سؤالْ.
ما عدتُ أفكرُ كالعادةِ في الحالِ،
وكيف يكونُ الحالْ!
مَنْ منّا الأذكى؟!
الوطنُ أمِ الطفلةُ؟
والشاعرُ بالفطنةِ يفهمُ،
والشاعر عندَ الفجرِ سيسألُ
ما أذكى النارَ، ومَنْ أذكَى؟
كلُّ كلامٍ يشبهُ هذا لا يُحكَى.
أهْلِي،
وأنا أبحثُ عَنْ وطنٍ لا أشكو فيهِ،
ولا بَعدَ عذابٍ فيهِ سأشكوهُ،
ولا دونَ جريمةِ حُبٍّ أُشْكَى.
والطفلةُ مَنْ تشبهُ وطني تكذبُ
لنْ أشكوها للهْ.
لسنا بيهودٍ،
ربَّ جدارٍ يحمينا..
لكنْ أكرَمَنا اللهُ فلا حائطَ مبكَى..!