الرياض لاتشبه الأحساء في إظهار وجه السعوديّة الذي تربينا عليه؛ ذلك الوجه الحقيقي لكل معاني البساطة والطيبة.
في الأحساء عند الثامنة صباحًا نرى وجوهًا سعوديّة تفتح محلاتها مستبشرة.. سحنة كبار السن المباركة نراها على عتبات محلات سوق القيصرية, وبقيّة الأسواق الشعبيّة هناك, التي لم يعد في الرياض ما يشبهها فيما عدا أسواق وسط البلد.
في الرياض وجوه قادمة من كل بلاد الله، تربّت على كسل المدينة, وساكنيها الذين صاروا يتكاسلون عن تحسس جمال نكهة الصباح.
المحلات في الرياض يفتحها العمال عند التاسعة، وربما العاشرة، ويقفلونها من صلاة الظهر, أو قبلها بكثير حتى بعد صلاة العصر بساعة.
التبضع صباحًا في الأسواق الشعبية المفتوحة خلال ساعتين في معظم الأوقات.
الرياض اليوم ليست مدينتي التي كنت أجوبها من السادسة صباحًا مع بنات الحي حيث الأسرار التي يتشاركها الجيران بقلق الأسرة الواحدة.
حيث الحياة التي تفتح عينها على أصوات أطفال الحارة.
حيث كان الحسد غافيًّا، والغيرة مؤودة، وأحلامنا تقيم وتمكث في قلوب الأحبّة دون تحفّظ.
رياض اليوم أنيقة، وفاتنة لكنها غريبة عنّا.
نشتاق لزقاقها الضيقة التي اكتسحها العمران الحديث، نشتاق لرائحة الخبز من مخابز القادمين برائحة اليمن السعيد.
نشتاق لصخب الجيران, ومشاركة أدق التفاصيل.
وجوه العمال فيها تكاد تطغى على وجوه أهل البلد, حتى التكدس في أماكن الترفيه المجاني تكاد تنحصر في غير أهل البلد.
اختلاط الألسن الشرق آسيوية, وتكوّمها عند أبواب الأسواق, والجامعات, انتقل إلى ألسنة الصغار اليوم.
الرياض تكبر, وتتغير, كذلك أهلها يتغيرون, حتى أنواع الجرائم فيها تتغير!
كان أهل الرياض أسرة واحدة لا يجمعهم اسم عائلة واحد، صاروا أسراً متفرقة يجمعها اسم عائلة واحد.
من غيّر وجهك أيتها الرياض؟!
- د. زكية بنت محمد العتيبي
Zakyah11@gmail.com