د. خيرية السقاف
إن من أحد يستحق أن يفرغ المرء وقته للتفكير في مدى ما عليه أن يفعله له, فهو رجل الأمن, هذا الذي يفاجئنا منه كل موقف مميز بأجمل من آخر..
يقبض على منفلت, ويطيح بمتهور, ويكشف عن هارب, ويحيك لمعتد, ويفتدي في حلك ليل بدمه, وروحه, يحمل عجوزا تتعثر, يسقي مريضا يعطش, يرد صغيرا تائها, ينافح عن عاجز في زحمة طواف, يسير بثقة في الطرقات وهو يعلم بأن هناك من قد يطلق عليه نارا, يتعرض لمستهترين يمسونه بسوء وهو ثابت, لا يضعف ,لا يخطئ, يقبض على الفاسدين بذكاء, وإن أصيب فبفداء..
هذا الجندي بمختلف مهامه, ورتبه العسكرية, والمدنية, وفي أي مواقعه, هو رجل الساعة في وقائع حياتنا, وتفاصيل أحداثها اليومية..
فأنت لا تتحمل عبئه, ولا تكابد رهقه, ولا تواجه مخاطره, ولا تمشي وروحك فوق كفك, أو هي جناح أبيض يحلق بين عينيك..
أما هو فيقتحم سراديب المعتدين, وبيوت الهاربين, ومخابئ الأشرار, بمثل ما يفعل لينقذ, أو يتحرك ليحمي, فيما يسهر, وعندما ينشر..
الجندي الشهيد, والجندي الجريح, والجندي المعفَّر بالتراب, والجندي مقتحم الضباب في السماء, والجندي الغواص في الماء, والجندي في مفاصل المدن, والقرى, وفي كل الطرقات, عند أسوار الوطن, وعلى ثغور المهمات العاجلة , وعلى أهبة الطارئ هذا هو من يستحق أن تكون الأيام كلها له, وبه, ومن أجله..
فقد أثبتت المواقف تميزه, وشهدت الوقائع بقوته, وأفرح القلوب وطمأنها في كل حادثة يُخرج لنا معها ما كان من مذهلا من نتائجها, يكاشفنا بها, ويشركنا في معرفة مضامينها وتفاصيلها والضالعين فيها..
رجل الأمن هذا, الورود تقدم له, والأدعية لا تفتر عنها الألسنة من أجله, والشعور تنبض به القلوب تقديرا له, وإكبارا, والعقول تفكر في كيف يتعرف الصغار أهمية هذا الجندي في حياتهم, والشباب كيف يجعلونه قدوتهم, ومآل إكبارهم, والكبار كيف يجعلونه في حزمة انتماءاتهم..
جنود الوطن جميعهم, بألوان بزاتهم المختلفة, ومختلف أسلحتهم, وبأنواع اختصاصاتهم, وجهات أعمالهم, وبتدرج أدوارهم, من العقل المفكر في قمة هرم مؤسسة الأمن, إلى أول شاب يتحلى ببزته العسكرية وهو في مقتبل مسيرة العمل الأمني..
هؤلاء خذوا العهد أن يكونوا أول من تلهجون لهم بأدعيتكم، وآخر من تغمضون عيونكم وهم بين الجفون أمانة, وفرحا, واحساسا, وتفاعلا, وحبا, وتقديرا..
قاسموهم الحياة فإن لم تكن, فلا أقل من هذا..
تحيتي الخاصة لهم, وهم ينتصرون من أجلنا كل يوم في الشارع, وفي الحدود, وخلف كل باب, وتحت أي سماء, حتى وهم خلف الأجهزة, وداخل المركبات, وعند مشارف المهمات..
دعائي لكم أبطالنا الأعزاء, يا قرة العين, ومنتهى التقدير, بكل مراتبكم, وأدواركم..
أسأل الله أن يحفظكم, ويسدد خطاكم, ويلهمكم الصواب, ويدلكم إلى الأبواب, ويكشف لكم الحقائق, ويحجبكم عن الظالمين, وينوركم باليقين, وينصركم, وينصر بكم الوطن من بين يديه, ومن أمامه وخلفه, ومن فوقه وتحته.
اللهم آمين.