أحمد بن عبدالرحمن الجبير
(شمعون2) اسم لهجوم إلكتروني، تقصد بعض مؤسساتنا، وكان الهجوم قادمًا من روسيا، لكن المؤشرات تفيد بأنه هجوم إيراني، لم يحقق أهدافه كما ينبغي، لكنه أعطانا تحذيرات بوجوب وجود مظلة للأمن الإلكتروني تحت إدارة وزارة الداخلية، وتحديدًا المركز الوطني للمعلومات، وكل ما نعلمه أن الداخلية طالبت منذ وقت بعيد جميع المؤسسات الحكومية، والقطاع الخاص، والبنوك برفع درجة الأمن الإلكتروني لديها.
إننا بحاجة ماسة لجيش دفاعي من الأمن الإلكتروني، مهمته الرئيسة تهديد من يجرؤ على المساس بأمننا الوطني بسوء، فيكفيهم تلاعبًا، وتزويرًا لشخصيات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي تنتحل الأسماء الوهمية، وتثير الفتنة الداخلية، لذا نتمنى أن يعي المسؤولون عن أمن المعلومات في بلادنا أننا مستهدفون بحرب إلكترونية، تستوجب منا جميعًا الاستعداد والتصدي، والمواجهة ببرامج دفاعية، تمنع، وتصد كل الهجمات، والحرب الإلكترونية على أمن الوطن والمواطن.
حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان- حفظه الله- أولت جلّ اهتمامها لدعم مجالات الشبكات الإلكترونية إيمانًا منها بأهمية التقنية في التنمية الاقتصادية، الأمر الذي سيسهم في تحول المملكة لاقتصاد المعرفة، ورفع مستوى الوعي، والتحفيز لدى المواطن، والتركيز على البحث والتطوير، ومتابعة آخر المستجدات في هذا المجال، ونقل وتوطين التقنية، وبناء القدرات الوطنية لتعزيز الأمن، والتنمية الاقتصادية المستدامة.
واتخذت الدولة - أعزها الله - خطوات إيجابية وجادة، وحاسمة لمواجهة التهديدات، والحرب الإلكترونية، وتم افتتاح مصنع لأنظمة الاتصالات العسكرية بالاشتراك مع دولة تركيا، الذي سيقوم بإنتاج نحو 2000 جهاز سنويًا، تستخدم في التصدي لتهديدات الحرب، والهجمات الإلكترونية، وتم تأسيس مركز أمني إلكتروني لمواجهة التهديدات الإلكترونية بعد تزايد تعرض المملكة للهجمات الإلكترونية خلال الفترة الماضية.
ويفترض تشجيع البحوث العلمية في مجال تقنيات الحرب الإلكترونية، ونشر الوعي وأهميته واستعراض التجارب، والتحديات الحديثة لكونها وسيلة مهمة للحصول على المعلومات عن القوات المعادية، وحماية الأجهزة الحكومية، والقطاع الخاص من الحرب الإلكترونية، التي يراد بها تدمير المعلومات، وسرقتها وتحريفها، وحرمان الطرف الآخر من استخدامها.
والعمل على جذب الاستثمارات الأجنبية للمملكة لمعالجة النقص في الأمن الإلكتروني، ومحاربة الجرائم الإلكترونية وحماية الخصوصية الفردية، وعدم اختراق البيانات الخاصة على شبكة المعلومات، وضرورة إيجاد مراكز متخصصة في كل قطاع لمكافحة الهجمات الإلكترونية، ويكون مرجعًا للتنسيق والتشاور لما يخدم أمن الوطن والمواطن.
ويجب أن يكون هناك استراتيجية واضحة المعالم للأمن الإلكتروني في المملكة، وخصوصًا لدعم رؤية السعودية 2030م التي تعول عليها المملكة كثيرًا لتأمين مستقبلها الاقتصادي، والاجتماعي وتطوير القطاعات الاقتصادية غير النفطية، وخصخصة الشركات، وجذب الاستثمارات الأجنبية وإطلاق مبادرة وطنية للتحول الرقمي لتحسين البنية التقنية في المملكة، ودفع عجلة الابتكار وتنمية القوى العاملة الوطنية بمهارة.
والسعي إلى توطين الوظائف التقنية في جميع القطاعات، وعدم إسنادها إلى شركات تشغيل وهمية، همها الربح فقط، ويجب التحري مستقبلاً عن كل ما يثير تلك الهجمات الإلكترونية وتحديدًا في هذا الوقت الذي تمضي فيه المملكة بكل حزم، وعزم لمواجهة المتغيرات في المنطقة والمحافظة على الأمن، والاستقرار الوطني، ومحاربة الإرهاب، والعمل بسياسة الفرص المتعددة وليس الفرصة الواحدة.
ويقترض عمل مزيد من التدريب، والتأهيل للكفاءات السعودية، وتأهيلها في مراكز أبحاث تقنية ومتقدمة عالميًا لمعرفة مزيد عن خلفيات الهجمات الالكترونية، وأساليب الاختراق، حيث إن الصد الوحيد والأخير بعد الله هو التدريب المستمر، والاطلاع على آخر وأحدث التقنيات وتحديث أنظمة التشغيل الخاصة بأجهزة الحاسب، واستخدام أحدث النسخ من متصفحات للإنترنت، وغيرها من التطبيقات، وتعزيز أمن الشبكات الإلكترونية بالبرمجيات اللازمة، والنسخ الاحتياطية للحد من الخسائر في حالة وقوع الخطر.
وأيضًا الاستعانة بالخبراء والمتخصصين بأمن المعلومات من أبناء الوطن، حيث إنهم ندرة ولديهم القدرة على تدعيم الأمن الإلكتروني في بلادنا، غير أنهم خارج نطاق الاهتمام، بسبب سوء الإدارة الذي أسهم في خروجهم وعملهم في القطاع الخاص، وقد علمت أن مسؤولين كبار استعانوا بهم عند الأزمة، لذا نأمل أن يكون التعامل معهم دائمًا، وليس طارئًا، فهؤلاء الخبراء هم مواطنون، ومؤتمنون أكثر من غيرهم، ولذلك نتمنى هيكلة بعض القطاعات لاستيعابهم كمستشارين، أو مشرفين على قطاعات الأمن الإلكتروني.