أ.د.عثمان بن صالح العامر
عندي أنه لا مساواة مطلقة بين الجنسين؛ لأن الله هو من خلقنا جنسين مختلفين (ذكراً وأنثى) وهو أعلم بنا وبما يحقق لنا النجاح في المهمة التي ندبنا لها في هذه الحياة، ألا وهي الاستخلاف في الأرض الداخل ضمناً في الدلالة العامة للعبادة، ليس هذا فحسب، بل إن ادعاء إمكانية المساواة المطلقة بين هذين الجنسين ظلم للمرأة قبل الرجل؛ إذ لا يمكن أن يكون العدل إلا إذا كان قيامه متحققًا بين المتساويين، ومتى طُلب هذا الأمر بين مختلفين فهو إجحاف وجور في حق الطرفين معاً، والتاريخ شاهد والواقع العالمي خير برهان وأقوى دليل.. والاختلاف الذي شاء الله وقضى وقدر أن يكون بين مكوّني البشرية وسر التكاثر وسبب السعادة وعنوان التميز وشاهد الذكورية لدى الطرف الأول والأنوثة عند الطرف الآخر:
- اختلاف في التكوين الجسدي ليقوم كل طرف بما كلّفه الله به على الوجه الصحيح.
- واختلاف في الدور المنوط بكل منهما داخل الكيان الأسري، بل داخل الوطن الذي ينتميان له ويعيشان فيه.
نعم لقد أجبرتنا ماديات الحياة المعاصرة أن تتبدل عند البعض منا الأدوار، وتتداخل المهام الملقاة على عاتق طرفي الكيان الأسري الذي هو اللبنة الأولى للوطن، والمكوّن الأساس في الأمة، ولكن يجب أن نؤمن بأن هذا أمر عرضي سيزول، ويجب ألاّ يغيب عن البال أن ما نعيشه اليوم هو الحالة الاستثنائية وليست هي الأصل الذي من الضروري أن نفكر جيداً في كيفية العودة له.
لا ينفي هذا الكلام أن هناك قواسم مشتركة ومهام متداخلة وأعمالا متقاطعة حق لكل طرف أن يمارسها ويقوم بها، بل هي واجب ملقى على الكل وسيحاسب عنه من قبل الرّب سبحانه، أهمها وعلى رأسها أمر العبادات المحضة التي يجب صرفها لله عز وجل، وطلب العلم والترقي فيه، والمشاركة المجتمعية والتسابق في ميادين الخير المختلفة، بل إن الضرب في الأرض متاجرة ومنافسة في الكسب المادي الصرف، يمكن للمرأة أن تطرقه بضوابط ومحددات تحدث عنها علماء الأمة ورجالاتها.
إن من بين ضمانات الاستقرار الأسري، وتحقق التوافق الزواجي، والعيش في طمأنينة وأمان حياتي، تحقق التكامل بين مكوّني هذا الكيان (الزوج والزوجة) لا التنافس والتضاد، وهذا يوجب علينا - فضلاً عمّا ورد أعلاه - أمورًا خمسة هي:
- فهم طبيعة المرأة التي خلقها الله عليها، ومن ثم سن الأنظمة الملائمة لها وإسناد الأعمال التي تتوافق مع هذا التكوين لجنس «النساء» دون إفرادها «المرأة»، إذ من الممكن أن يكون من بين العموم من يختلف في كل ما سبق عن ماهية الجنس، والخطاب الإسلامي هو في الأصل خطاب للعام لا للخاص.
- منح المرأة، جنس النساء في المجتمع السعودي أن تتحدث عن نفسها، لا جعل الطبقة المثقفة منها أو النخب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فيها هو من يتحدث باسمها ويرفع سقف المطالب عنها، والأشد حين نكون نحن الرجال من يقول ويكتب ويندد ويناشد نيابة عن بنات حواء من باب الوصاية التي ندّعي أننا نقف في خندق المنددين بها الرافضين لها جملة وتفصيلا.
- أخذ المتغيرات العالمية والداخلية- حين رسم الاستراتيجيات المستقبلية للوطن عموما وللإنسان السعودي على وجه الخصوص - في الحسبان، إذ إن الأسرة السعودية اليوم تعتمد بشكل كبير على العنصر الأجنبي، سواء أكان يعيش داخل بيت هذه الأسرة من خدم وسائقين، أو يقدم خدماته لها وهو بعيدٌ عنها بدءًا من الأكل مروراً بغسل الملابس وتنظيف الأثاث وانتهاء بتوفير المستلزمات الأساسية اليومية التي صارت اليوم هي أيضا تشترى ولا تنتج داخل المطبخ المنزلي.
- التفكير الجدّي في تبني الدولة بالتعاون مع القطاع الخاص مشاريع إنتاج منزلية، وتشجيع المبادرات النوعية المتميزة التي تتيح للمرأة أن تعمل وتنتج وتنجز وهي في بيتها عن طريق الإنترنت إذا كان العمل مكتبياً أو من خلال برامج مدروسة لتسويق وتطوير مشاريع الأسر المنتجة، يواكب هذا إطلاق منصة إلكترونية لبيع ما تبدعه المرأة السعودية.
- التذكر جيداً أن التربية الصالحة للأبناء والبنات هي حق لهما، وفي ذات الوقت واجب على والديهما قبل غيرهما، وأن أمر القيام بهذه المهمة الجليلة اليوم في ظل عالم مفتوح لا يرحم أمرٌ في غاية الصعوبة، ويحتاج إلى تفرغ ومتابعة وقرب حقيقي لا مفتعل، ولذلك كان لزاماً على المنظّر السعودي تأهيل المرأة أن تكون أماً تصنع الأجيال، فهم رأس مال الإنسان الحقيقي، وأحد الثلاثة التي تجلب له الأجر بعد موته «وولد صالح يدعو له»، فضلاً عن أنهم ثروة وطنية غالية يجب ألا تهدر أو تختطف من بين أيدينا ونحن غافلون، وقوائم الإرهابيين المتطرفين الغلاة، وتغريدات المشككين أصحاب الشبه والأهواء و... نذير خطر وعنوان توجس وخوف، والعاقل من اتعظ بغيره. دمتم بخير، وإلى لقاء والسلام.