إن من أهم الأسباب التي جعلت رؤية المملكة 2030 تحظى باهتمام جميع شرائح المجتمع، انها انطلقت بآلية شفافة منفتحة العقل، بدأت بمقدمة تعرض الواقع الحالي وتبين مسيرة الدولة خلال عقود من الزمن، وحصرت مكونات الاقتصاد الوطني واستطاعت تفنيد مكامن القوة وناقشت مكامن الضعف، ثم رسمت الصورة الأساسية لمستقبل الدولة وما نريد الوصول له خلال فترة زمنية محددة من خلال برنامج التحول الوطني 2020، حددت الأهداف الاستراتيجية وربطتها بالأرقام والاحصائيات ليكون منطلق الرؤية مبنيا على حقيقة ما لدينا من أصول معرفية ومجتمعية وثقافية وثروات مادية وبشرية، ثم امتزجت كل تلك المعطيات بعضها البعض ليكون هيكل الدولة بكامل مكوناته يسير بشكل متناسق نحو الهدف المحدد.
ولعل هذه الطريقة الشفافة في الطرح جعلت الجميع في محور الحدث، أتاحت فرصة جيدة ليكون أفراد المجتمع في موقع مسؤولية مشترك، حيث إنها بهذه الطريقة التي طرحت بها جعلت كافة أفراد المكون المجتمعي بموقع يؤهلهم لتحليل ومناقشة واختبار منطق الرؤية 2030، وجعلت الاهداف الاستراتيجية معبرة بالأرقام، ليتسنى للجميع متابعة تحقيق الأهداف خطوة بخطوة، وبهذا المنهج تقلصت مساحة الجدلية واصبح بمقدورنا تصور الإطار الأساسي للمستقبل القريب، ونتيجة لهذا الأسلوب الشفاف أصبح بإمكاننا مشاركة طموحات الرؤية 2030 وأصبح الجميع عازما على المساهمة في تحقيق الأهداف المرسومة.
ومن اليوم الأول لإطلاق الرؤية2030 تم تحديد الجهات الحكومية التي تعتبر المكونات الجوهرية لتحقيق الرؤية، ومن هنا بدأت الأمور تأخذ منحنى مختلفاً، حيث إن بعض جهات القطاع العام لا تعمل بنفس الأسلوب الذي انطلقت منه الرؤية واستمرت في المنهجية القديمة التي تعتمد على عرض أقل كمية من المعلومات وبدون تحديد لمنطق أسلوب العمل أو حتى تحديد المدى الزمني لتحقيق الأهداف، ولتوضيح الأمر، تكمن الرغبة لمعرفة أكبر قدر من البيانات والأرقام الخاصة بالقطاع العام ليس لمجرد المعرفة!!
إنما ليتشارك جميع المواطنين والمقيمين جميع تلك الطموحات، وتصبح التحولات الإجرائية حديثة التطبيق مبررة ومفهومة ويستطيع المواطنون والمقيمون تقبلها وفهمها واعادة صياغة اسلوب المعيشة بما يتوافق مع الواقع الجديد، حتى العاملين في المنشات الحكومية والشركات في القطاع الخاص لهم الحق ان يعوا التوجه الاستراتيجي ليكون بمقدورهم المشاركة الفعالة في تحقيق مغازي الرؤية.
مشاركة طموح الرؤية 2030 أمر مهم وجوهري لتحقيقها، والرؤية مشروع وطني يمس جميع القاطنين على هذه الأرض الطاهرة، وليست مهمة يعمل على تحقيقها شريحة معينة من الناس، إنما هي مشروع وطني الكل يتطلع لإنجازه، ومع الثورة المعلوماتية التي نعيشها اليوم أصبح الكل يستطيع التعبير عن رأية، وأصبح للكثيرين من الأفراد والمؤسسات القدرة على التأثير في الرأي العام وجذب الانتباة المجتمعي، وإذا لم يستطع القطاع العام ان يقنع الجمهور بخطواته المنهجية وابراز المكتسبات الحقيقية من مشاريعة فلن يلقى الدعم الذي يحتاجه، يجب العمل على رفع الوعي المجتمعي تجاه المشاريع القائمة والمشاريع المزمع اقامتها فهي أخيرا تعمل لأجل رفع المستوى المعيشي بشكل عام، أعتقد أن جهات القطاع العام بحاجة ان تعرض خططها المنهجية وتحدد اهدافها الفرعية التي من شأنها تحقيق الأهداف الأساسية المعلن عنها في الرؤية 2030، الأمر الذي سوف يجعل المجتمع يساندها ويدعمها ويشاركها العمل لتحقيق أهدافها.
بدر بن عبدالرحمن المصيبيح - مستشار الإدارة الاستراتيجية
@BadrMusaibeh