لعل أسهل تعريف مبسط للرقابة على الأداء هو التأكد من الجهة التي استخدمت مواردها المالية والإدارية فيما خصص لها بكفاءة وفعالية واقتصادية، ولعل لهذا النوع من الرقابة في ديوان المراقبة العامة حسن حظ، وسوء حظ.
فمن حسن الحظ، أنه كان له السبق في وجوده بين جميع أجهزة الرقابة في الدول العربية كرقابة أداء، مستنسخة من الدول المتقدمة، وخاصة أمريكا وكندا، بخلاف الدول العربية الأخرى التي أتبعت رقابة الأداء التقليدية، والتي تعتمد على التحليل المالي فقط، حيث استعان الديوان بخبراء من الجهاز الرقابي الأمريكي لمدة سبع سنوات، كان لهم إنجاز لا ينكر منه أنهم هيؤوا شباباً سعودياً مؤهلاً لهذا النوع من الرقابة، وعزز ذلك وجود دعم من المسؤولين له في تلك الفترة وتحديداً من عام 1408- 1423هـ.
ومن سوء الحظ أن هذا الحماس بدأ في الفتور وعدم الاستمرار في هذا النوع من الرقابة كما خطط له الخبراء الأمريكيون، لأسباب عدة، منها عدم الرغبة في صدام مع الجهات الأخرى، لأنه (يضرب في العظم)، وقد قال أحد رؤساء الديوان السابقين (رقابة الأداء جلبت لي الصداع)، إضافة إلى عدم فهم وزارة المالية ووزارة الخدمة المدنية لأهمية هذا النوع من الرقابة، ويتجلى ذلك في عدم الموافقة على إحداث وظائف تناسب طبيعة نشاطه مثل مهندسين وأطباء وصيادلة أسوة بالأجهزة الرقابية بالدول المتقدمة، كان رد الوزارتين المشار إليهما (طابع عملكم مالي)، ولا شك أن هذا الرد ناتج عن عدم معرفة وإدراك لهذا النشاط العالمي من الرقابة.
تفعيل رقابة الأداء يحتاج إلى عزيمة وتحدٍ من المسؤول الأعلى في الديوان وهو رئيس الديوان ولا أحد سواه. هذا ما عرفته خلال عملي في هذا النوع من الرقابة، حيث ينشط عمل الرقابة ويخفت بشخصية الرئيس وقوته.
ما نشاهده في هذه الأيام من كشف المستور من ضعف البنى التحتية أثناء نزول الأمطار سببه عدم وجود رقابة ذات كفاءة وفعالية ترصد وتحاسب المقصرين والاكتفاء برقابة تقليدية يسهل الالتفاف عليها من مهندسي المخالفات المالية، أو بمهام رقابة أداء شكلية ينتج عنها تقرير هزيل يلام به من نفذوا المهمة وهم منه براء، ولا شك أن رؤية 2030 والتي من أهدافها رقابة الأداء يجب أن تنطلق هذه الأهداف من تفعيل دور رقابة الأداء في ديوان المراقبة العامة.
محمد بن مرشد الرحيلي - عضو شورى سابق