د. عبدالواحد الحميد
يخجل الإنسان حينما يرى أكوام المخلفات التي يتركها المواطنون والمقيمون في الحدائق والمنتزهات والأماكن العامة؛ فهي تدل على انعدام الشعور بالمسؤولية، وكذلك تدل على الاستهانة بالجهاز الحكومي المسؤول عن هذه الأماكن. هذا إن افترضنا وجود جهاز حقيقي يعي أن له مسؤولية عن المحافظة على نظافة تلك الأماكن!
وفي المنطقة الشرقية بادرت الجالية الفلبينية إلى إقامة نشاط تطوعي لتنظيف الواجهة البحرية بمدينة الخبر، وبلغ عدد المشاركين مائتي متطوع فلبيني. وقد انتشرت صور ومقاطع من عملية التنظيف التي تفانى أصدقاؤنا الفلبينيون في أدائها بوازع أخلاقي، وبرغبة في المشاركة المجتمعية؛ فهم شركاؤنا في العيش في بلادنا، وهم شركاؤنا في البناء والتنمية.
سابقًا، شاركت جاليات أخرى، وشارك أيضًا بعض شبابنا وشرائح من مجتمعنا في الجهد التطوعي لتنظيف الأماكن العامة. وهذا جيد لكن، من حيث المبدأ كان يجب ألا تترك الأمانات والبلديات أي فرصة لأحد أن يلوث هذه الأماكن العامة؛ فهي ملك المجتمع؛ ولا يحق للمستهترين الاعتداء عليها، ويجب معاقبتهم وتغريمهم.
لقد وصل التلويث إلى خارج المدن، وهذا ما يعرفه كل من زار روضة خريم، مثلاً، بمنطقة الرياض، أو غيرها من الأماكن الجميلة التي يرتادها الناس بعد سقوط الأمطار خارج المدن في جميع مناطق المملكة. وقد لا نتوقع من البلديات أن تلاحق المخالفين في الأماكن البعيدة، مع أنها يجب أن تقوم بذلك، لكننا نستغرب من العجز الفادح للبلديات والأمانات داخل المدن، ومنها مدينة الرياض، التي تعاني حدائقها ومنتزهاتها من تلويث المتنزهين.
هناك مَن يرى أن سبب هذه الظاهرة هو غياب الوعي لدى بعض المواطنين والوافدين، وربما يكون ذلك هو فعلاً أحد الأسباب المهمة، لكنني أرى أن السبب الرئيسي هو إدراك المخالفين أن لا أحد سوف يعاقبهم على ما يفعلونه؛ فلم أقرأ أو أسمع أن البلديات والأمانات قامت بالتفتيش ومعاقبة المخالفين.
عمومًا، مبادرة أصدقائنا الفلبينيين تستحق الشكر والتقدير، فشكرًا لهم. وقد كان التكريم الذي أقامته لهم أمانة المنطقة الشرقية على مسرح الأمانة بالدمام هو أقل ما يمكن عمله للتعبير عن الامتنان لهم على مبادرتهم الحضارية الجميلة.