سعد بن عبدالقادر القويعي
إثراء الفكر، وترسيخ قيمة التسامح الفعال، والتعايش الإيجابي بين الناس، أكثر من أي وقت مضى، هو موضوع متجدّد في ظلّ ما يشهد العالم - اليوم - من اضطرابات، وهو ما عناه رئيس حملة السكينة - الشيخ - عبدالمنعم المشوح بتصريحه، عندما وصف جولة - خادم الحرمين الشريفين - التاريخية الآسيوية، بأنها: «فتحت لنا أبواب الدول؛ لننقل رسالتنا، ونوصل تجربتنا، وخبراتنا، - وكذلك - لنستفيد مما لدى هذه الدول من خبرات، ومعارف «، - باعتبار - أن التقارب بين الثقافات، والتفاعل بين الحضارات يزداد يوماً بعد يوم بفضل ثورة المعلومات، والاتصالات، والثورة التكنولوجية التي أزالت الحواجز الزمانية، والمكانية بين الأمم، والشعوب ؛ حتى أصبح الجميع يعيشون في قرية كونية كبيرة.
ما يسترعي الاهتمام هنا، هو توقيع المذكرات في إطار برامج التواصل، ونقل المعرفة العالمي مع عدد من الجهات، والمؤسسات العلمية، والثقافية في ماليزيا، وإندونيسيا، وبروناي، وباقي الدول التي ستشملها زيارة - خادم الحرمين الشريفين -، والتي أبدت رغبتها في الإفادة من خبرات حملة السكينة لتعزيز الوسطية في مجالات نشر التسامح الديني، ومكافحة التطرف، والإرهاب، - لا سيما - فيما يتعلق بالمجال الإلكتروني ؛ لتوجد لهذه الحملة صداها في العالم، والذي أصبح مقتنعاً بمبادئ الحوار، والتعاون، ووضعه في صدارة أولوياته، والقيام بحوار حضاري إنساني متعدد الأهداف، والمجالات، يعالج ما تتعرض له البشرية من الأزمات، وفق ما أراده الله لها.
يتخذ المنهج القائم عليه في بلادنا مصطلح التسامح، وتبؤها مكان الصدارة، ليس على مستوى المبادئ - فحسب -، وإنما على مستوى التطبيق العملي الذي يشهد به التاريخ . بل قد أجمع المؤرخون الغربيون ممن يحترمون الحق على هذا التسامح، وأشادوا بالإسلام كرسالة تأمر بالعدل، وتنهى عن الظلم، وتُرسي دعائم السلام في الأرض، وتدعو إلى التعايش الإيجابي بين البشر - جميعاً - في جو من الإخاء، والتسامح بين كل الناس، بصرف النظر عن أجناسهم، وألوانهم، ومعتقداتهم.
هنا، تبرز الحاجة الملحة لوضع خطة عمل ؛ من أجل السلام، والعمل المشترك، ومحاربة التطرف الديني العنيف، والذي سينعكس إيجابا في ترسيخ مفاهيم السلام، والعيش المشترك، والآمن لكل إنسان، دون النظر إلى دينه، أو عرقه، أو لونه، - خصوصا - وأن ما يشهده العالم في هذا العصر من نزاعات للعنف، والخلاف، ونشر للإرهاب، واستباحة للدماء، والأعراض في أرجاء المعمورة، من فئة تسعى جاهدة للصدام، والمواجهة بكل ما أوتيت من وسائل، وأساليب، يستدعي إلى تأصيل نشر قيم التسامح، والمحبة، والأمن، والسلام، والتعايش، وذلك من خلال احترام الاختلاف في آليات الحوار، وتأسيس قواسم مشتركة بين مختلف الجماعات، وتحقيق المشاركة الدينية، والحضارية، والمدنية بين القيادات الدينية، والسياسية.