أوضح الأستاذ الدكتور فهد بن عبدالعزيز العسكر الأكاديمي والخبير في مجال البحث العلمي، وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية للدراسات العليا والبحث العلمي سابقاً، أن البيئة العلمية والبحثية في المملكة وعلى الرغم مما تعرض له من محاولات اختراق من بعض ضعاف النفوس إلا أنها تتسم بالنزاهة العلمية، حيث تتوافر أغلب الممارسات التي تتم في الجامعات والمراكز البحثية بالسلامة المهنية والأخلاقية، مستشهداً على تدني نسبة الفساد العلمي في المملكة بالدراسة التي أعدتها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية التي انتهت إلى أن نسبة الفساد في المملكة لا تتجاوز 3.68 في المائة مقتربة في ذلك من ألمانيا 3.22 في المائة والولايات المتحدة الأمريكية 1.82، ومبتعدة بفارق كبير عن بلغاريا التي تتصدر أعلى الدول في قائمة الفساد العلمي، حيث يبلغ معدل الفساد فيها 20.43 في المائة.
وأشاد دكتور العسكر بما يبذل في المملكة من جهود للعناية بالبحث العلم، مدللاً على حجم الإنفاق الكبير الذي باتت المملكة توجهه للصرف على هذا المجال.
جاء ذلك في ورشة العمل التي عقدها الأستاذ الدكتور فهد العسكر حول النزاهة العلمية لأعضاء هيئة التدريس بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية يوم الأربعاء الماضي بحضور وكيل الجامعة للشؤون الأكاديمية أ.د. علي بن فايز الجحني وعميد الجودة والاعتماد الأكاديمي دكتور إبراهيم بن علي الدخيل.
وكان دكتور العسكر قد استهل محاضرته بالتأكيد على أن البحث العلمي يعد الركيزة الأساس لاستدامة النمو المجتمعي الإنساني والاجتماعي والتطبيقي عبر الابتكار والتطوير، وإيجاد الحلول الكفيلة باستقرار المجتمعات واتساق حياتها، مشيراً إلى أن البناء المؤسسي للبحث العلمي (الجامعات والمراكز البحثية) عرف في أوروبا، ألمانيا، ثم فرنسا، حيث أنشئت جامعة برلين عام 1809م كجامعة بحثية لمساعدة ألمانيا على التعافي من هزيمتها من فرنسا، تلاها عام 1887م، تأسيس «معهد العلوم الطبيعية» في برلين وهو أول معهد بحثي مستقل في العالم، أما فرنسا فقد عرفت المعاهد البحثية المتخصصة من خلال إنشاء «معهد باستور» عام 1888م.
ثم تحدث سعادته عن صناعة البحث العلمي عبر العالم، مبيناً أنها باتت صناعة عملاقة، ينفق عليها ملايين التريليونات، حيث بلغ الإنفاق العالمي على البحث والتطوير عام 2014م وفقاً للتقرير السنوي لمجلة «باتيل» المتخصصة نحو 1.6 تريليون دولار، (نحو 6 تريليونات ريال)؛ أي ما يشكّل 1.8 في المائة من الناتج العالمي، وتأتي الولايات المتحدة الأولى في المرتبة الأولى من حيث الإنفاق على البحث بواقع 465 مليار دولار، وهو ما يعادل 2.8 في المائة من ناتجها المحلي، تليها الصين ثانية بمبلغ 284 مليار دولار، 2 في المائة من الناتج، ثم اليابان ثالثة بمبلغ 165 مليار دولار، وألمانيا رابعة بمبلغ 92 مليار دولار، مع تطلع الصين إلى أن يقوم اقتصادها على الابتكار بحلول عام 2020م.
بعد ذلك انتقل دكتور العسكر إلى الحديث عن الانعكاسات الإيجابية للاستثمار في البحث العلمي، مبيناً أن البحث العلمي يعد أكثر المجالات الاستثمارية ربحية، مدللاً على ذلك بإحصاءات عام 2009م، الخاصة بالعائد على الاستثمار في البحث العلمي، حيث تشير هذه الإحصاءات إلى أن الدولار الذي يستثمر في البحث العلمي في الولايات المتحدة الأمريكية يمكن أن يدر 140 دولاراً، في حين يدر الدولار في اليابان 124 دوراً، أما في الاتحاد الأوروبي فإن الإحصاءات تشير إلى أن استثمار الدولار الواحد يدر 98 دولاراً، ثم تناول سعادته واقع البحث العلمي في المملكة، مبيناً أن المملكة تعد حديثة عهد بالبحث العلمي مقارنة بالدول المتقدمة، وأن مسيرة البحث العلمي في المملكة جاءت بطيئة في بداياتها، مع تسارعها في السنوات العشر الماضية، حتى أصبحت المملكة رائدة إقليمياً (فهي الأولى عربياً، والأعلى نمواً في غرب آسيا)، حيث تضاعفت البحوث المنشورة في الدوريات العالمية من 1400 عام 2006م إلى 9000 بحث عام 2013م، كما حققت المملكة قفزة بين عامي 2012 و2015م إذ حلت في المرتبة الثامنة كأعلى الدول من حيث معدلات النمو البحثي، وتفخر الأوساط العلمية أن المملكة تتقدم في مجال البحوث الكيميائية على بعض الدول الأوروبية مثل فنلندا والبرتغال وأيرلندا، وتأكيداً لهذا التميز كشف «مؤشر نيتشر للأبحاث العلمية» عام 2016م أن المملكة حققت أعلى معدل نمو في البحوث العلمية عالية الجودة في غرب آسيا.
بعد ذلك بيّن دكتور العسكر أهم عوامل تطور البحث العلمي في المملكة، مؤكداً أن تنامي الإنفاق على البحث العلمي يعد أحد أهم عوامل تطوره، مبيناً أن إجمالي الإنفاق على البحث العلمي في المملكة بلغ 2015م، نحو 7 مليارات ريال، 85 في المائة من هذا المبلغ من التمويل الحكومي، مضيفاً أن تزايد عدد الجامعات الحكومية والأهلية وغير الربحية، كان أحد أهم عوامل التطور لتنامي الحراك العلمي والبحثي لاسيما في ظل توجه الجامعات السعودية إلى إنشاء العديد من المراكز والمعاهد والكراسي البحثية، يضاف إلى ذلك اعتماد الخطة الاستراتيجية الوطنية للبحت العلمي بقيادة مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية عام 2008م، كذلك أسهمت الشراكات البحثية العالمية التي عقدتها الجامعات والمراكز البحثية الحكومية والأهلية السعودية مع عشرات الجامعات والمعاهد البحثية العالمية، من الولايات المتحدة والصين، ألمانيا، والمملكة المتحدة في تطور البحث العلمي في المملكة.
وتناول سعادته علاقة البحث العلمي برؤية المملكة 2030م، مبيناً أن البحث العلمي والتطوير التقني أهم أدوات تحقيق التنافسية والإنتاجية والاستدامة، وهي أبرز مستهدفات هذه الرؤية.
بعد ذلك انتقل سعادته إلى الحديث عن مفاهيم النزاهة العلمية ومبادئها، مقدماً تعريفات عدة للنزاهة في القواميس والمعاجم العربية والإنجليزية، مؤكداً أن الفساد نقيض النزاهة وهو حالة مركبة، متعددة الصور، والأسباب، والتأثير، والسياقات، وتعرفة منظمة الشفافية العالمية بأنه «إساءة استعمال السلطة (الوظيفة) المؤتمن عليها لتحقيق منافع أو مكاسب شخصية».
واستطرد سعادته بالتأكيد على أن الفساد العلمي الذي يعد أنكى أنواع الفساد هو «كل عمل غير أمين يرتكب في البيئات الأكاديمية والبحثية من قبل القياديين، أو أعضاء هيئة التدريس، أو الباحثين والطلاب، أو الموظفين والفنيين»، وتتمثل خطورة الفسد العلمي باعتباره بمثابة التربة الخصبة التي ينمو فيها الفساد العام وينتشر، مذكراً سعادته بالمبادئ الرئيسة للنزاهة العلمية كما حددها إعلان سنغافورة الصادر عن المؤتمر الثاني العالمي لنزاهة البحث العلمي 2010م تتمثل في الأمانة، والمسألة والاحترام المهني لجميع العاملين إلى جانب الإشراف والتعاون والإدارة الجيدة.
واستدرك دكتور العسكر أنه لا يمكن قبول بعض الدعاوى التي ترى نتيجة لخلط الدين ببعض العادات السيئة وتسمية الأشياء بغير مسمياتها أن هناك فسادا نبيلا وهي الممارسات العلمية والبحثية غير السليمة التي تتم لأغراض إنسانية كما يعتقد.
وأعاد سعادته إلى الأذهان البدايات الأولى للفساد العلمي، مشيراً إلى أنها تعود إلى القرن السابع عشر الميلادي، مبيناً أنه لم يكن من السهل اكتشاف الفساد العلمي أو تحديد أثره وحجمه، نتيجة للطبيعة السرية التي تغلف ممارساته، مؤكداً ما تراه الدراسات من أن أكثر قضايا الفساد العلمي تتم في المجال الطبي وعلم النفس ومجال أبحاث الخلايا الجذعية، مضيفاً أنه على الرغم من دور شبكة المعلومات الإنترنت في نشر المعارف وتسهيل وصول الباحثين للمضان العلمية ودور الشبكة في تمكين برامج كشف مخالفات النزاهة العلمية إلا أنها أسهمت بشكل سلبي في تسهيل فرص التعدي على حقوق الملكية الفكرية.
وأضاف دكتور العسكر أن الفساد العلمي أخذ في الانتشار عبر العالم، مستدلاً على ذلك بنشر الصحف العالمية 356 تقريراً، تضمنت وقائع حول عدد من الحالات التي تضمنت فساداً علمياً وقع بين عامي 2002- 2013م.
وأضاف سعادته أن الإحصاءات العالمية تؤكد وجود علاقة دالة بين مستوى دخل الأفراد وانتشار الفساد، حيث لم تسجل في الدنمارك بين عامي 2006 و2008م سوى حالتي فساد، في حين سجلت في الولايات المتحدة الأمريكية بين عامي 1994 و2003م، 133 حالة.
كما أظهر مسح أجري في أمريكا على 3247 باحثاً، أن 33 في المائة منهم احتالوا علمياً ولو مرة واحدة على الأقل، تلا ذلك استعراض عدد من أشهر حالات الفساد العلمي في الولايات المتحدة واليابان وألمانيا والنرويج، مبيناً سعادته العواقب التي ترتبت على هذه الحالات.
بعد ذلك، شخص سعادته واقع النزاهة العلمية في المملكة، مبيناً أنها تبدو مرتفعة، حيث لم يسجل التقرير الذي أصدرته الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في المملكة خلال أربع سنوات، وتضمن وقوف الهيئة على 22 ألف قضية؛ أي قضايا تتعلق بالفساد العلمي، إلى جانب ما بينته دراسة أعدتها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية من أن معدل الفساد العلمي في المملكة منخفض؛ حيث لا يتجاوز حالة فساد واحدة في كل 20.1 بحث.
وانتقد العسكر في محاضرته، محدودية المبادرات التي تمت في المملكة لتعزيز النزاهة العلمية ومكافحة الفساد.
بعد ذلك، انتقل المحاضر إلى تعداد العوامل التي تقف وراء انتشار الفساد العلمي، مبيناً أنها تتعلق بموت الضمير وفساد الأخلاق، وإلى الحاجة والرغبة في الإثراء المادي والمعنوي دون توافر الباحث أو المؤلف أو الطالب على المقومات والإمكانات التي تتيح له تحقيق ما يتطلع إليه بجهده وإمكاناته، مضيفاً أن ضغوط المنافسة، خاصة في المجتمعات ذات الإمكانات المالية المحدودة التي ينخفض فيها الدخل تلقي بظلالها على الباحثين وتدفع ضعاف النفوس منهم على اقتراف الفساد العلمي، كذلك يرى المحاضر أن المانحين ومؤسسات تمويل المشروعات البحثية تسهم بدور سلبي في إشاعة الفساد العلمي من خلال تأثير عدد من المانحين ومؤسسات التمويل على توجيه نتائج الأبحاث لخدمة أغراضها، وأخيراً يرى سعادته أن ضعف البنى التنظيمية وغياب التشريعات الجادة والصارمة أسهم في إخلال عدد من الباحثين بمتطلبات النزاهة العلمية، وأدى إلى شيوع الفساد العلمي، مدللاً على ذلك بقدرة باحث كوري على تأكيد الخلل العلمي الموجود في عدد من كبريات المجلات العلمية المحكمة، حيث تمكن هذا الباحث من نشر بحث يتضمن نتائج ملفقة في 250 مجلة، دون أن تكتشف هذه المجلات أن المعلومات التي يتوافر عليها البحث كانت ملفقة.
بعد ذلك، استعرض سعادته أهم أشكال الفساد العلمي الذي يمارسه الباحثون والمؤسسات البحثية، مبيناً أنه يشمل التلفيق، والأخلاق، والانتحال، وسوء السلوك، والاحتيال العلمي، باستخدام طرق وأساليب بحثية غير أمينة، أو من خلال سوء السلوك المتعلق بالنشر العلمي (حذف أسماء شاركت في البحث أو إضافة أسماء لم تقم بأي مجهود فيه، وتقسيم البحوث دون مبرر، وعدم تصحيح المعلومات السابقة، إلى جانب انتهاك معايير وعمليات التحكيم العلمي وعدم الإفصاح عن وجود مصالح مشتركة مع الباحثين المشتركين في البحث الذي يحكمه أو المشروع البحثي المقدم للدعم، التأخير في نشر بحوث المنافسين، إلى جانب اتهام الآخرين ورفع دعوى بالاحتيال العلمي ضدهم بدون أية أدلة واضحة، وكذلك الاحتيال الشخصي الذي يتمثل في الإشراف غير المناسب، أو التقويم غير العادل للباحثين والطلاب، أو عدم مراعاة المعايير الاجتماعية والثقافية، كما يتضمن هذا النوع من الاحتيال السلوك الشخصي غير المناسب كالتحرش الجنسي.
وأضاف سعادته أن من أشكال الفساد العلمي الاحتيال المالي الذي يتمثل في سوء التصرف في الأموال المخصصة للبحث من خلال تأمين مواد ليس لها علاقة بالبحث أو تحقيق مصالح أخرى في الأموال المخصصة للبحث بل حتى اختلاسها، مضيفاً أن الفساد العلمي يمكن أن ينطبق على كل ممارسة علمية أو بحثية تفتقر إلى: الأمانة، والموثوقية، والموضوعية، والإنصاف والعدل، والالتزام بكل المسؤوليات والواجبات تجاه الباحثين الجدد والطلاب وإرشادهم بالشكل المناسب، إلى جانب تلك الممارسات التي يكتنفها تعارض المصالح أو التفاعل غير الإيجابي مع الباحثين أو البيئة البحثية بمكوناتها المختلفة.
من جانب آخر، تطرق دكتور العسكر إلى أشكال الفساد العلمي التي ترتكبها المجالس والهيئات واللجان العلمية، مبيناً أنها تشمل تغليب المصالح الشخصية من قبل القياديين من خلال الاختيار الموجه للقياديين دون النظر للكفاءات العلمية والتمكن المهني في المجال العلمي والبحثي، إلى جانب سوء اختيار المجالس والهيئات للمحكمين وعدم فهم تقارير بعضهم، لاسيما تلك التي لا تتوافر على الدقة المطلوبة أو يشوبها شيء من الضبابية أو لا تتوافر على موقف صريح يتعلق بالبحث أو النتاج الذي تم تحكيمه، كذلك تسريب المعلومات السرية المتعلقة بالتحكيم العلمي، والتقدير غير الموفق للعقوبات، مضيفاً أن من أهم أسباب الفساد العلمي المتعلق بالمجالس والهيئات العلمية غياب أو ضعف آليات الضبط القبلي أو البعدي للبحوث، الأنظمة واللوائح والبرامج التنفيذية اللازمة للتأكد من سلامة البحوث واتسامها بالنزاهة العلمية وخلوها من أي من أشكال الفساد العلمي.
بعد ذلك انتقل دكتور العسكر إلى الحديث عن الآليات التي يمكن من خلالها تحقيق النزاهة ومكافحة الفساد العلمي، مشيراً إلى أن المسؤولية في هذا المجال تبدو مشتركة بين أصحاب المصلحة، الذي يتمثلون في الجامعات والمراكز البحثية، والباحثين، والمؤسسات والهيئات الحكومية والأهلية وغير الربحية، ومؤسسات دعم البحث العلمي وتمويله، إلى جانب دور النشر، والمحكمين، ووسائل الإعلام، والجمهور، مؤكداً أن العمل على مكافحة الفساد يقتض العمل على إشاعة ثقافة النزاهة وتعزيزها في نفوس الباحثين والطلاب من خلال التوعية والتثقيف والتدريب، إلى جانب إقرار مبدأ الشفافية والمسألة واعتماد النماذج والآليات الكفيلة بضمان العلم والعمل بهذه المبادئ، كذلك تطوير البنى التنظيمية التي تشمل تطوير اللوائح الخاصة بتكييف حالات الفساد العلمي ووضع العقوبات الكفيلة بردع المتجاوزين إلى جانب العناية بحوكمة العمل في المؤسسات العلمية والبحثية ودعم خطوات الاعتماد الأكاديمي باعتباره خطوة مهمة لضمان قيام العلمي البحثي على أسس من النزاهة.
وأضاف سعادته أن مكافحة الفساد تتطلب توجيه المزيد من العناية بالدراسات العلمية العميقة والموثقة المتخصصة في مختلف المجالات ذات العلاقة بتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد العلمي.
بعد ذلك استعرض سعادته تجربة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في مجال حماية النزاهة العلمية، مبيناً أن الجامعة خطت خلال السنوات العشر الأخيرة خطوات متميزة عدة في هذا المجال، فقد أطلقت الجامعة مبادرات عدة تستهدف تعزيز النزاهة وتوفير الإمكانات اللازمة للحفاظ على البيئة الأكاديمية بعيدة عن الفساد العلمي، حيث نظمت الجامعة عام 2008م ندوة التحكيم العلمي: أحكام موضوعية أم رؤى ذاتية، التي عُدت في حينه أول ندوة عربية والثالثة على مستوى العالم التي تقام حول موضوع التحكيم العلمي، كما أسهمت الجامعة في الاحتفاء باليوم العالمي لمكافحة الفساد عام 2013م، إلى جانب تخصيصها لمنتدى الشراكة المجتمعية في دورته الرابعة 2015م لتناول موضوع النزاهة العلمية، وذلك بالتعاون مع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، أما التطور الأهم في مسيرة عناية الجامعة بالنزاهة العلمية فتتمثل في موافقة مجلس الجامعة عام 2015م على إنشاء مركز الأخلاقيات العلمية الذي يعد أول مركز متخصص لتعزيز النزاهة العلمية في الجامعات السعودية، كما انتهت الجامعة -مؤخراً- من إعداد لائحة حماية النزاهة التي تعد الإطار النظامي للتعامل مع ما قد يحدث من انتهاكات للنزاهة العلمية، وذلك بالاعتماد على اللائحة الموحدة للبحث العلمي في الجامعات السعودية، واللائحة الموحدة للدراسات العليا، ونظام أخلاقيات البحث على المخلوقات الحية ولائحته التنفيذية، واللائحة المنظمة لشؤون أعضاء هيئة التدريس السعوديين ومن في حكمهم، ولائحة توظيف غير السعوديين في الجامعات السعودية، إلى جانب الأنظمة ذات الصلة بحماية حقوق الملكية، مضيفاً أن الجامعة عملت كذلك على إصدار مدونة للأخلاقيات العلمية العلمية، وأنشئت عام 2016م اللجنة المحلية للأخلاقيات الحيوية.
وأضاف دكتور العسكر أن مما يحسب لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سعيها لإنشاء الفهرس العربي للاستشهادات ACI الذي يمثل آلية موضوعية لرصد وتصنيف أوعية النشر الصادرة باللغة العربية في العالم وتتمثل أهمية هذا المشروع في دوره الخلاق في تعزيز النزاهة في الإنتاج العلمي العربي من خلال قدرة مسؤولي الهيئات والمجالس واللجان العلمية بالإفادة من الفهرس في تتبع مسارات الأبحاث العربية واكتشاف ما قد يقع فيها من إخلال بالنزاهة العلمية من خلال مسح قواعد المعلومات التي سيرتبط بها الفهرس.
واستطرد دكتور العسكر معدداً المخالفات التي تندرج تحت الفساد العلمي، وفقاً للائحة حماية النزاهة العلمية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، موضحاً أنها تشمل الاقتباس غير المشروع من أي من المصنفات المحمية المملوكة للغير، والاستلال غير المشروع من المصنفات المحمية التي تعود ملكيتها للمؤلف نفسه أو من بحوث أو رسائل علمية أشرف عليها، وانتحال الحقوق غير المحمية في المصنفات، وتقليد المصنفات دون علم أصحابها، وانتهاك خصوصية المبحوثين أو إفشاء أسرارهم، إلى جانب التدليس باستعمال المصنفات المخالفة للحصول على درجات علمية، أو لأغراض الترقية، أو للمنافسة على جوائز التميز البحثي وحوافزه، أو حجب معلومات أو إظهار أخرى بغير شكلها الحقيقي، والسطو على الجهود العلمية للآخرين، واستغلال الجهود الفكرية والمادية للطلاب والباحثين والزملاء، وإعداد الأعمال العلمية للآخرين بمقابل أو من غير مقابل، إلى جانب القيام بأي تصرف يخرج عن العلاقة النظامية بين عضو هيئة التدريس ومن في حكمه والطالب، والاشتراك بين أعضاء هيئة التدريس ومن في حكمهم والباحثين والطلاب في أبحاث بطريق المبادلة، وتوجيه البحوث نحو تحقيق أهداف معينة، والإخلال بشروط قواعد تمويل المشروعات البحثية في الجامعة.