جولة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الآسيوية، التي بدأت بزيارة ماليزيا وتشمل إندونيسيا وسلطنة بروناي والصين واليابان وجزر المالديف وتختتم بزيارة الأردن، تمثل تحركاً دبلوماسيا مهما ً لتطوير وتعزيز شراكات المملكة السياسية والاقتصادية والأمنية الآسيوية في إطار إستراتيجية المملكة الثابتة في فتح آفاق التعاون مع كل الدول الصديقة والشقيقة، بما يخدم المصالح المشتركة للمملكة وشركائها شرقاً وغرباً ويعزز رصيد المملكة من العلاقات الدولية الإيجابية والبناءة.
وإذا كانت علاقات المملكة مع شركائها الآسيويين قد شهدت تطوراً كبيراً خلال العقدين الماضيين، فإن جولة الملك سلمان الحالية، تشير إلى أن الإمكانات والفرص الكامنة في هذه الشراكات ما زالت قابلة لمزيد من الاستثمار، وأن آفاق التعاون مفتوحة إلى أبعد الحدود مع وجود رغبة أكيدة لدى المملكة وشركائها في تطوير هذه الشراكات، وإعطائها مزيداً من الزخم من خلال المشاريع المشتركة في المجالات كافة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، ورفع مستوى التنسيق السياسي والأمني الذي يوفر المناخ المناسب لتنمية هذه الشراكات واستشراف آليات جديدة للتعاون المشترك بين المملكة وكل دولة من الدول التي تشملها زيارة خادم الحرمين الشريفين.
إن علاقات المملكة مع الدول التي تشملها الجولة هي علاقات طيبة ومصالح اقتصادية مهمة، وهناك تطابق كبير في المواقف في معظم القضايا الإقليمية والدولية، وأن الهدف من هذه الجولة هو إعطاء دفعة قوية لهذه العلاقات التي تزداد أهمية لكل الأطراف في ظل معطيات ومتغيرات سياسية واقتصادية عالمية كثيرة.
وبالنسبة للمملكة فإن هذه الجولة الواسعة تشير إلى أن القيادة السعودية تعول على شراكاتها الدول الآسيوية الناهضة اقتصاديا وعلمياً وتقنياً بذات القدر الذي تعول على علاقاتها الراسخة مع شركائها الأمريكيين والأوروبيين.
والمملكة منذ تأسيسها على يد الملك عبد العزيز -رحمه الله- كانت ولا زالت إستراتيجيتها قائمة على الانفتاح على العالم وتبادل المصالح مع احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الاقتصادية والتجارية مع الدول الآسيوية.
وجولة الملك سلمان الراهنة تأتي في هذا الإطار، لكن الجولة تكتسب أهمية إضافية من حيث تزامنها مع إطلاق رؤية المملكة 2030 وبرنامج التحول الاقتصادي والذي يقودها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز إذ تحرص القيادة السعودية على إطلاع شركائها الآسيويين على توجهاتها الاقتصادية الجديدة وأهداف رؤيتها التنموية المستقبلية والفرص التي تتيحها هذه الرؤية لمشاريع التعاون بين المملكة والدول الآسيوية في مختلف المجالات والقطاعات الاقتصادية الإنتاجية والخدمية.
ومشاركة الشركاء الآسيويين الفاعلة في برامج ومشاريع رؤية 2030 بما يخدم مصالح المملكة وإستراتيجيتها في تنويع روافد اقتصادها الوطني ويتيح للشركاء الآسيويين فرصة الاستثمار في بلد عضو في مجموعة العشرين ويتميز بثقل اقتصادي وسياسي دولي .
وإذا كان الاقتصاد حاضراً بقوة في هذه الجولة التاريخية فإن السياسة هي الوجه الآخر للعملة فلقاءات خادم الحرمين الشريفين مع قادة الدول التي يزورها تغطي قضايا سياسية وأمنية وإقليمية ودولية مهمة على رأسها الحرب العالمية على الإرهاب والمهددات التي تتعرض لها المنطقة إضافة للقضايا ذات التأثير المباشر على الأمن الإقليمي.
ودول شرق آسيا معنية بكل هذه القضايا لأن استقرار المنطقة ينعكس على استقرار وازدهار القارة الآسيوية والعالم ، فطرق التجارة والملاحة وإمدادات الطاقة للاقتصاديات الآسيوية كلها تتقاطع في هذه المنطقة ذات الأهمية الإستراتيجية الكبيرة. وتحرك دبلوماسي على هذا المستوى لا بد أن ينعكس إيجاباً على تعزيز ودعم رؤية المملكة لمتطلبات وتحديات الأمن والاستقرار الإقليمي.
** **
- الأمير فيصل بن سعود بن مساعد بن عبدالعزيز آل سعود