يوسف بن محمد العتيق
توفِّي عالم الحديث الكبير الطبراني سنة (360 هجرية)، وألَّف عشرات الكتب. ومن بين كتبه ثلاثة كتب مهمة عند متخصصي الحديث النبوي؛ فله المعجم الكبير، والمعجم الصغير، والمعجم الأوسط.
وفي كل معجم من المعاجم الثلاثة تكون منهجيته التأليفية بأن يأتي إلى أحد أساتذته ومشايخه، ثم ينقل عنه أحاديث نبوية شريفة. وفي كل المعاجم بذل مجهودًا كبيرًا، إلا أنه في كتابه (المعجم الأوسط) أبدع وتفنن في النقل عن مشايخه الذين يكنُّ لهم كل محبة وتقدير واحترام؛ فكان هذا الكتاب الأغلى لديه، حتى أنه نُقل عنه أنه يقول (هذا الكتاب روحي).
تذكرتُ حديث الطبراني عن كتابه وأنا أطالع الخطاب الذي أرفقه الأستاذ الأديب حمد القاضي مع هديته القيمة، كتابه الذي صدر مؤخرًا، وهو (مرافئ على ضفاف الكلمة). ومما جاء في إهداء الأديب القاضي أن هذا الكتاب أغلى كتبه لأسباب ثلاثة، أولها: أنه يمثله إنسانًا وكاتبًا، والثاني أنه أهداه إلى أغلى الناس (أمه) -رحمها الله-، والثالث: تقديم الرمز الثقافي غازي القصيبي -رحمه الله- لهذا الكتاب.
لذا كان الكتاب الأغلى عند القاضي كما أن «المعجم الأوسط» هو روح الطبراني.
هذه المشاعر الصادقة بين الكاتب ونتاجه العلمي مما يجب أن نقف عندها، ونتفاعل معها.. لأن الكتاب هو جزء من شخصية الإنسان، بل هو قطعة منه، وروحه كما ذكر الطبراني، والأغلى عنده كما ذكر القاضي.
فالكتب مثل الأشخاص، منها ما هو باب خير وذكر طيب لمؤلفه.. وقد يكون من الكتب ما هو عكس ذلك.