كتب - محرر الوراق:
تتضمن مرحلة تأسيس المملكة العربية السعودية في طورها الثالث مشروعًا تبناه الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- ألا وهو توطين بعض سكان البادية بنقلهم من البادية إلى الهجر للاستقرار فيها وتعليمهم وتوجيههم ودمجهم مع سائر شرائح المجتمع.
وكانت هجرة الغطغط من أولى الهجر بعد الأرطاوية؛ فقد أُنشئت من قبل جماعة من الناس رغبوا في ترك حياة الصحاري والاستقرار فيها لقربها من الرياض.
ويتناول هذا الكتاب الذي ألفته الباحثة الجوهرة بنت إبراهيم الرويس مكان هذه الهجرة، وتاريخ تأسيسها، ومَنْ أسَّسها؟ ومَن القبائل التي استوطنتها؟ والمنشآت الخاصة والعامة فيها، كما استعرض صورًا لهذه المنشآت، وكذلك سبب تسميتها واختيار موقعها، وكيفية تعليم رجالهم، ونسائهم، وأطفالهم، وكيفية التجارة فيها، وأسلوب الإدارة في هذه الهجرة، ونمط حياتهم الاجتماعية والدينية والعسكرية التي يعيشونها، ودورهم التاريخي البارز في تأسيس المملكة العربية السعودية تحت راية الملك عبدالعزيز، حتى أصبح هذا التجمع السكاني قوة عسكرية دينية جاهزة للقتال متى أمرهم الملك عبدالعزيز بذلك.
واعتمدت الباحثة الرويس غالبًا في توثيق حياة سكان الغطغط الاجتماعية على الروايات الشفهية من شخصيات معاصرة، سكنها آباؤهم؛ لشحّ المعلومات المدوَّنة عن الحياة الاجتماعية لسكان الهجرة خلال مدة البحث.
وعند الحديث عن الحالة الدينية لسكان تلك الهجرة، فقد ذكرت الباحثة بعض المواقف التي حصلت من أهل الهجرة، منها ما كان داخل الهجرة ومنها ما كان خارجها، وتدل في مجملها على مدى ما وصل إليه أهل الهجرة من التشدد في الدين.كما بينت الدراسة أدوار بعض الشخصيات التي كانت تنادي بالتشدد والغلوّ في الدين، فكان لهم تأثير في الناس.
كما بينت الباحثة حقيقة الخلاف الذي نشأ بين أمير هذه الهجرة وأهلها مع الملك عبدالعزيز، مخالفة بذلك ما تناقله المؤرخون من آراء غير دقيقة.
وتناول الكتاب طرق الملك عبدالعزيز السلمية التي قام بها لحلّ الخلاف معهم، وكيف انتهى الأمر في معركة السبلة؟ ثم اضمحلال هجرة الغطغط.
الكتاب يعدّ سبّاقًا في توثيق تاريخ هجرة الغطغط وأحداثها، وهو يندرج ضمن حلقات توثيق التاريخ الوطني المعتمد على التاريخ الشفهي، المهدد بالاندثار. هذا الكتاب في أصله مشروع بحثي بجامعة الملك سعود، وأشرف عليه الدكتور خالد البكر.