خالد بن حمد المالك
في كلمة الملك سلمان في جلسة المباحثات التي عقدها مع الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو بحضور وفدي البلدين، كان واضحاً لي أن خادم الحرمين الشريفين يعوّل كثيراً على إندونيسيا لتكون شريكاً في كثير من القضايا؛ كونها أكبر دولة إسلامية، وضمن مجموعة العشرين، ولها دور كبير في احتضان مؤتمر دول عدم الانحياز، وعضو في الأمم المتحدة، ولهذا فقد خاطب الملك سلمان الرئيس الإندونيسي -الذي قلده وسام نجمة الجمهورية الإندونيسية، وهو أعلى أوسمة الجمهورية تقديراً لجهوده في مختلف المجالات- بشكل مباشر عن الحاجة إلى شراكة إندونيسيا في محاربة الإرهاب، وفي دعم القضية الفلسطينية، كما دعاه إلى تطوير العلاقات الثنائية على أسس راسخة ومتينة، وإلى العمل على معالجة الأزمات والقضايا الإقليمية والدولية، وأضاف أن حل النزاعات يجب أن يكون بالطرق السليمة، وفقاً لميثاق منظمة التعاون الإسلامي، وميثاق الأمم المتحدة، ومبادئ القانون الدولي.
* *
وكانت الزيارة الملكية قد توصلت إلى إعلان عن شراكات تفضي إلى مزيد من التعاون بين البلدين، وكان هذا حديث وسائل الإعلام، وترقب الشارع، ومتابعة العالم، وهو ما حدث، فقد تم بحضور الملك سلمان والرئيس جوكو ويدودو في القصر الرئاسي المسمى أستانة، التوقيع على إعلان مشترك، ومذكرات تفاهم، وبرامج تعاون، بين المملكة وإندونيسيا، إذ جرى التوقيع على إعلان مشترك يرفع من مستوى الرئاسة للجنة المشتركة، والتوقيع على مذكرة تفاهم بشأن مساهمة الصندوق السعودي للتنمية في تمويل مشاريع ائتمانية في إندونيسيا، ومذكرة أخرى تم توقيعها للتعاون الثقافي، وكذلك وقعت مذكرة تفاهم للتعاون في مجال قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم للتعاون في المجال الصحي، وجرى التوقيع أيضاً على مذكرة تفاهم لإطار تشغيلي للنقل الجوي، وعلى برنامج تعاون علمي وتعليمي، ومذكرة تفاهم أخرى للتعاون في مجال الشؤون الإسلامية، وتواصل توقيع مذكرات التفاهم، فتم التوقيع على مذكرة تفاهم في مجال المصائد البحرية والثروة السمكية، ومذكرة تفاهم أخرى في برنامج التعاون في المجال التجاري، وأخيراً جرى التوقيع على اتفاق تعاون في مجال مكافحة الجريمة.
* *
الملك سلمان واصل نقل مشاعره وانطباعاته نحو إندونيسيا وشعبها، فقال وهو يلتقي الرئيس الإندونيسي وعدداً من الشخصيات الإسلامية وشخصيات من الأديان الأخرى في مقر إقامته بأن إندونيسيا تتمتع باستقرار سياسي، ونهضة اقتصادية تسعد كل إنسان محب، وذلك نتيجة روح التسامح والتعايش بين أبناء الشعب الإندونيسي بجميع فئاته، مؤكداً أهمية العمل على التواصل والحوار بين أتباع الأديان والثقافات؛ لتعزيز مبادئ التسامح، لافتاً النظر إلى أن الأديان تسعى لحماية حقوق الإنسان وسعادته، وأنه من المهم محاربة الغلو والتطرف في جميع الأديان والثقافات، مجدداً سعادته بأن يكون في إندونيسيا وبين شعبها الشقيق.
* *
تحدث خادم الحرمين الشريفين بكل هذا أمام الرئيس الإندونيسي وأبرز الشخصيات الإسلامية وممثلي الأديان الأخرى في إندونيسيا، بحضور أصحاب السمو الأمراء والوزراء، وزاد على ذلك بأن ذكّر الجميع بأن المملكة هي من تبنت مفهوم الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وأنها ساهمت في إنشاء مركز للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في العاصمة النمساوية (فيينا) لتعزيز الحوار بين الجميع، وكان رد الفعل على هذه الآراء المتوازنة لخادم الحرمين الشريفين تأكيد الرئيس جوكو ويدودو على اعتزاز ممثلي الأديان المختلفة في إندونيسيا بزيارة الملك سلمان لبلادهم، وقال إن الزيارة تسهم في تعزيز التعاون لما فيه خير البلدين والشعبين الشقيقين، فيما تحدث عدد من الشخصيات من مختلف الأديان الإندونيسيين عن سعادتهم بالزيارة التاريخية للملك سلمان لإندونيسيا، وشكرهم له لإتاحة الفرصة لهم للقاء به، وعدوا مثل هذه اللقاءات المهمة واقعاً لنشر ثقافة الاعتدال والتسامح، ومكافحة الإرهاب والتطرف بين مختلف أتباع الأديان والثقافات، وتحقيق السلام والأمن الدولي.
* *
وتواصل الاهتمام بالزيارة الملكية، وفي استثمارها كفرصة لتحقيق المزيد من التفاهمات والشراكات بين بلدينا، حيث التقى الملك سلمان في مقر إقامته بالعاصمة الإندونيسية دولة نائب رئيس جمهورية إندونيسيا الدكتور محمد يوسف كالا، جرى خلال اللقاء استعراض روابط التعاون بين البلدين الشقيقين، وسبل تعزيزها وتنميتها في مختلف المجالات، وذلك استكمالاً لما تم بحثه مع الرئيس ونائبه ورئيس مجلس النواب وغيرهم، وتم هذا اللقاء بحضور أصحاب السمو والمعالي من الجانب السعودي، وعدد من الوزراء من الجانب الإندونيسي.
يتبع...